يوميات محام: محاكمة شباب مدينة القصر الكبير بتهمة المس بالمقدسات .

23 نوفمبر 2025

ذ. ادريس حيدر : 

قال ذات يوم ، ملك فرنسا ” لويس الرابع عشر ” :
” لو لم أكن ملكا لفرنسا ، لوددت أن أكون محاميا ”

محاكمة شباب مدينة القصر الكبير
بتهمة المس بالمقدسات .

إلى الأصدقاء و الرفاق :
التهامي ، أسامة ، ربيع ، يوسف و أحمد .

في فاتح ماي 2007 ، اهتزّ الرأي العام المحلي بمدينة القصر الكبير و كذا الوطني ، نتيجة اعتقال خمسة من شباب المدينة ، و الذين توبعوا من طرف السيد وكيل الملك بها ، من أجل المس بالمقدسات .
كانت القوات المختلفة و المتنوعة : شرطة ، قوات مساعدة ، و غيرها من الأجهزة الاستخباراتية تطوق المحكمة ، كما كانت قاعة المحكمة تغص بالمواطنين الذين كانوا يترددون على المحكمة من أجل متابعة أطوارها تعبيرا عن تضامنهم مع المعتقلين ، كما كان آخرن يصطفون ببابها رافعين الشعارات و مستنكرين المحاكمة و منددين بمخرجيها ، و أغلبهم عبروا عن آمالهم و إصرارهم على النضال من أجل مغرب حر و ديمقراطي .
و كان قد تطوع للدفاع عن هؤلاء المناضلين الشباب ثلة من المحامين الذين جاءوا من مختلف مناطق و جهات المغرب ، و كانوا قد اتفقوا على أن أكون منسقا لهيئة الدفاع .
لقد تناوب و تداول هؤلاء المحامون المقتدرون على الدفاع بكثير من الكفاءة و الحجة و الدليل و المنطق و بعد نظر و عقلانية ، و كانت مرافعاتهم متناسقة و متناغمة و قوية .
و لازلتُ أتذكر أننا كمحاميين ، كنا نقضي النهار و الليل دون توقف أو انقطاع في تقديم الملتمسات ، و طرح الأسئلة ، و الدفاع و التعقيب إلى أن تشرق شمس الصباح أحيانا .
و كانت المناقشة القانونيةُ ترتكز على كون ” المس بالمقدسات ” مفهوم غامض و فضفاض ، و أن القانون الجنائي لا يشير إليه ، فيما الدستور يصف شخص الملك بالمقدس .
و اعتبروا أن التهمة الموجهة إلى هؤلاء الشباب غير ذي أساس قانوني و الهدف منها تكميم الأفواه و قمع الحريات .
و أبرز الدفاع أنه و في الوقت الذي يزعم فيه المغرب ، أنه طوى صفحة انتهاك حقوق الإنسان ، فإن الواقع غير ذلك و يكذب تلك الشعارات و الخطابات المزيفة ، و أن الإصلاحات السياسية التي تزعم الدولة القيام بإحداثها و إجراءها ، تظل هشة و موجهة للاستهلاك الخارجي .
و كانت السلطات ، قد زعمت أن معتقلي فاتح ماي ، رفعوا شعارات ساخرة و مهينة و مسيئة للملك .
و هنا ، لا بد من تثمين شجاعة هؤلاء الشباب ، و ذلك بتمسّكهم بآرائهم ، و تنديد هم بانتهاكات حقوق الإنسان ، و تعريتهم للوضع المتدهور اقتصاديا و اجتماعياً و سحبهم لسياسة الحكومة اللاشعبية .
و كانت المحكمة قد أدانتهم بعقوبات شديدة و قاسية .
و الجدير بالذكر أنه صدر عفو ملكي في حقهم .
و كان ” ربيع الريسوني ” أحد هؤلاء الشباب المتابعون و المدانون ، قد صرح غداة العفو عنه :
” العفو هو اعتذار رسمي من أجل تصحيح الأخطاء التي ارتكبها القضاء في حقنا “.
و أضاف :” أن محاكمتهم سياسية بامتياز ، و أن الدولة توظف هذه الجنح و المتابعات بهدف تكميم الأفواه “.
و أضاف :
” عندما رفعنا شعارات في فاتح ماي أو عندما نرفعها في أي وقت ، فبغية انتقاد سياسة الدولة و لا تستهدف شخص الملك “.
فيما صرح الفاعل السياسي و أحد هؤلاء المعتقلين :” أسامة بنمسعود “:
” كنا نتمنى أن يكون إطلاق سراحنا من طرف القضاء الذي أخطأ في حقنا ، لكن العفو جاء ليؤكد عدم نزاهة القضاء المغربي “.
كما اعتبرت السيدة :” خديجة الرياضي ” رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان :
“أن الحقوق و الحريات بالمغرب تعرف تراجعات كبيرة “، و أضافت :
” ما يقع يبين زيف الادعاءات الرسمية ، و أنه و منذ التسعينات و عندما بدأ المغرب يعلن عن إصلاحات في مجال حقوق الإنسان و المصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية ، حذرنا على كون التغييرات لاتتم على أرض صلبة و هذه الأرضية تتمثل في إقرار دستور ديمقراطي غير ممنوح يقر بسمو المواثيق الدولية و كذا إقرار الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية ، إذ لا يمكن تجزيء الحقوق ”
فعلا ، كانت عقارب الزمن السياسي و الحقوقي ، متجهة صوب مدينة القصر الكبير و المحاكمة السياسية التي تشهدها ، وكما أن التاريخ سيسجل براعة المحامين في الدفاع عن الحق و تحقيق العدل .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading