
بقلم : ادريس حيدر
” إلى متى سنظل نستنزف طاقاتنا في معارك ثانوية و نترك جانبا ، المعركة الحقيقية .
متى سنفهم أنه إذا لم يتم تحديد سلطات الملك ، محيطه ، وزارات السيادة ، ميزانية قصوره ، بروتوكولاته ، رحلاته و كذا أجورهم و امتيازاتهم التي تفوق ميزانية الشعب المغربي .
سنظل نعلق خيباتنا على حكومة محكومة يستعملها البلاط الملكي و بعد تلطيخها يرمي بها “.
هكذا خاطب الشهيد :” المهدي بنبركة” القوى السياسية المغربية و خاصة مناضلي حزبه ” الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ” و المثقفين المحسوبين على اليسار المغربي و عموم الشعب المغربي .
مناسبة هذه الاستهلال ، هي حلول الذكرى الستون ، لاختطاف هذا الزعيم الوطني و أحد مؤسسي حزب الاستقلال و قائد عملية الانشقاق عنه ، و قيامه بتأسيس ” الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ” ، داعيا إلى إصلاحات ديمقراطية و اجتماعية عميقة .
و بسبب مطالبه الإصلاحية و تبنيه للاشتراكية ، أصبح أكبر معارض للنظام الملكي في المغرب .
و فضلا عن قيادته للعمل السياسي في المغرب ، أصبح أحد أبرز قادة العالم الثالث ، و سعى لتعزيز التعاون بين الدول النامية ، و قاد مؤتمر القارات الثلاث .
و نتيجة لمواقفه التقدمية و الشجاعة ، تم اختطافه في ” باريس” بتاريخ : 29|10| 1965، في واضحة النهار من أمام كفى ” ليب” ، على يد عناصر من الشرطة الفرنسية و مسؤولين مغاربة في أجهزة الأمن و الاستخبارات : الجنرال السفاك : أوفقير ، و الجنرال السفاح :” الدليمي” و الجنرال :” بنسليمان” و آخرون ، و لم يظهر له أثر منذ ذلك الحين ، و لازالت تفاصيل مقتله مجهولة .
مما جعله – كما نعتته الصحافة الفرنسية – ” ميت من دون قبر ” .
و تجدر الإشارة إلى أن المختبرات المغربية ، كانت هي المسؤولة عن هذه الجريمة البشعة بمشاركة و تنسيق مع المختبرات الإسرائيلية ( الموساد ) و المخابرات الأمريكية (C.I.A.)
و طيلة هذه السنوات صدرت عديد من الكتبو التقارير السرية و التي كشفت معلومات جديدة حول هذه القضية و لاتزال التحقيقات مستمرة مع مطالبة عائلته المستمرة بكشف الحقيقة الكاملة .
و في السنوات الأخيرة ، تم الكشف عن وثائق من الأرشيف التشيكي و الأمريكي، سلطت الأضواء على بعض ملابسات القضية .
و في هذا السياق أكد نجله ” البشير بنبركة ” استمرار التحقيقات في القضية .
و من المعلوم أن هذا الشهيد ، يعتبر أيقونة للنضال في وطننا الجريح .
و بهذه المناسبة ، أود أن أؤكد كما باقي الحقوقيين و مناضلي اليسار ، أن ” المهدي بنبركة” لم يمت ، و هو فكرة حية و قيمة فكرية ، معرفية و إنسانية ساكنة في ضمائرنا و وجداننا ، فيما خصوم الشعب و جلادوه و مختطفوه و قاتلوه في مزابل التاريخ . كما أنني أود التعبير عن حسرتي الكبيرة على حزب يرفع صوره في لقاءاته و مؤتمراته لتبييض صفحة قادته الجدد ، فين حين أن لا أحد منهم يتذكره و لا يقيم فعالية في تاريخ اختطافه أو يسترشد بتعاليمه.
يتذكرونه فقط بوازع انتهازي و يتاجرون بجثته و تاريخه و تراثه .
في حين أن شرفاء هذا الوطن لازالوا يطالبون بالكشف عن مصيره .
هكذا نعلن أننا لم ننس و لن ننسى .