
بقلم : أسماء التمالح
تمر مدينة القصر الكبير في الوقت الراهن بأبشع فترة من فترات حياتها، حيت غرقت في الأزبال والقاذورات، وانتشرت أنواع الحشرات من ذباب وبعوض وغيره، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تزكم الأنفاس وتبعث على الغثيان في كل اتجاهات المدينة.
المجلس البلدي بالقصر الكبير متماطل في إيجاد حل مستعجل لإنقاذ المدينة من أزمة بيئية خانقة، والشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة لها مبرراتها وأقوالها، والساكنة تدفع ثمن سوء التسيير والتدبير ومدعوة للتعايش مع التلوث الخطير والقبول بالواقع المرير لحين يأتي الفرج من رب العالمين، وكأننا لسنا مثل باقي مدن المملكة التي يسارع مسيروها لاتخاذ قرارات عاجلة تخدم الصالح العام وتصون كرامة المواطنين برفع الضرر قبل تفاقمه.
الأوضاع لا تسر عدوا ولا حبيبا بالقصر الكبير، ولا ندري إلى متى يستمر الحال على ما هو عليه، في ظل تملص المسؤولين الموكولة إليهم مهمة تدبير شأن النظافة بالمدينة. الكل يرمي بالكرة في مرمى الطرف الآخر، وصحة المواطن وسلامته مهددة بالأمراض، حتى نوافذ البيوت لم تعد الساكنة قادرة على فتحها جراء تسلل الحشرات الموجودة بكثرة إلى داخل المنازل.
لم نسمع للجمعيات المحلية المعنية بالبيئة والحفاظ عليها وصيانتها صوتا، ماعدا جمعية واحدة تعنى بحقوق السيدات التي بادرت إلى توجيه بيان استنكاري للمجلس البلدي بالقصر الكبير ودعته لاتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل مدينة نقية نظيفة ترقى لمستوى كرامة المواطنين.
أهذه هي القصر الكبير التي كان يتبجح بها رئيس الجماعة من أمام البرلمان قبل أسابيع ويدعو عموم المغاربة لزيارتها؟ الجواب نعم يا سادة، هي ذاتها، وليست بأحسن حال كما يدعي، ولا بجنة كما وصفها، هي القصر الكبير التي تئن ألما وتبكي حاضرا كئيبا بعد ماض مشرق وضاء، وهذه هي الحقيقة مع الأسف الشديد.
هل ما يحدث لها نتيجة سياسة انتقامية في حق الساكنة من منطلق السلطة التي في يد المسيرين؟ الله أعلم. هل هناك أيادي خفية وراء إقبار المدينة ومضاعفة حجم معاناتها دون رحمة وشفقة ؟ الله أعلم. ما نستطيع تأكيده هو أن مدينة القصر الكبير شهدت السنوات الأخيرة وضعا أشد خطورة على مستوى التلوث البيئي، إذ ما ينفك المواطنون يرتاحون نسبيا من رائحة ” الشمندر” النفاذة والمزعجة صيفا، حتى وجدوا أنفسهم في مواجهة روائح كريهة أخرى ناجمة عن مطارح النفايات كما رصد البعض، مما ينذر بمستقبل صحي بدني ونفسي لا يبشر بالخير سببه هذا التلوث البيئي الخطير الذي أخذ المعنيون بأمره شكل المتفرج بدل المبادر بتوفير حلول عاجلة.
فهل ينتظر مسؤولو المدينة ظهور مرض وانتشاره بين الناس ليتحركوا أم ماذا ؟ بعض المواطنين فروا من القصر الكبير إلى ضواحيها من جبال وقرى بحثا عن هواء نقي يستنشقونه، وعن طيب روائح تنسيهم ولو لفترة محددة بشاعة الروائح التي يشمونها بالمدينة المنكوبة، بينما ظل البعض الآخر رهين المعضلة مستسلما شاكيا أمره لله عز وجل.
حقا إن المغرب يمشي بسرعتين كما أشار الملك محمد السادس شافاه الله في إحدى خطاباته، إلا أن سرعة مدينة القصر الكبير تكاد لا تذكر مطلقا في المناحي الإيجابية، بينما هي شبيهة بسرعة البرق في كل ما هو سلبي يرجع بالمدينة إلى الخلف ويبعدها عن التقدم، ويا ليتها كانت تستحق ما يفعل بها !!
لقد كانت المدينة التي انبثقت منها الحضارة كما تحكي الكتب التاريخية، وكانت المدينة المزدهرة اقتصاديا والرائدة ثقافيا والراقية اجتماعيا، فكيف تحولت إلى ماهي عليه؟ من المذنب الرئيسي في حقها؟ ومتى تستعيد رونقها وبهاءها وتتحرر من كل صنوف التلوث التي حاصرتها ؟؟
هل من أمل؟ هل من منصف؟ هل من صحوة ضمير اتجاهها؟