الهاوية

13 أكتوبر 2025
Oplus_131072

ذ . ادريس حيدر

مدينة القصر الكبير أو ” أوبيدوم نوفوم” ، ضاربة جذورها في التاريخ ، فضلا عن ذلك فإن موقعها بارز و ساطع في حوليات التاريخ المغربي ، من خلال معركة الملوك الثلاث 1587( معركة وادي المخازن) ، هذه الحرب الصليبية التي تحقق فيها انتصار المسلمين و قطع الطريق أمام الزحف المسيحي ، الذي كان يهدف مسخ الهوية المغربية .
و عُرف تاريخ المدينة الحديث أيضا بتسجيل مواقف ساكنتها في كل المحطات الانتخابية ، فقد كانت من أولى المدن المغربية التي انتخبت اليسار لإدارة شأنها ، بالرغم من القمع الشديد الذي كانت تشهده البلاد نتيجة الحكم المطلق و الاستبداد .
و توالى بعد ذلك على تدبير الشأن العام ممثلون لأحزاب سياسية مختلفة .
كما أن شباب هذه المدينة ، كان سباقا لتسجيل مواقفه السياسية من خلال مظاهرات و مسيرات ، و قد أدى بعضهم ضرائب غالية من حياتهم بقتل بعضهم من طرف العسكر أو بالحكم على آخرين بعقوبات سجنية قاسية : أحداث يناير 1984، حركة 20 فبراير ، الشباب الذي اتهم بالمس بالمقدسات ، و أخيرا و ليس آخر احتجاجات جيل “زد”.
و من المعلوم أن هذه المدينة و بصرف النظر عن تفاعل شبابها و نخبها مع الأحداث الوطنية الكبرى التي شهدها المغرب ، فقد تميزت عن كثير من المدن بكونها مدينة العلم و الفقه و الإبداع .
فكثير من أبناءها هم : علماء و فقهاء ، برزوا على الساحة الوطنية و أدلوا بدلوهم في ميادين اختصاصهم .
و كثير منهم مبدعون : شعراء ، كتاب ، قصاصون ، روائيون و رسامون تشكيليون ، دون التطرق لنجوم سطعوا في سماء العلم و المعرفة كأساتذة جامعيين و مخترعين و أبطال في الرياضة …الخ.
إلا أن هذه المدينة ظلت تعيش تهميشا كبيرا على مستويات عدة ، و لم تقم الدولة بترقيتها إلى مستوى عمالة كما تم بالنسبة لمدن أقل منها ، بالرغم من توفرها على إمكانيات و طاقات جد مهمة .
مناسبة هذه الكرونولوجيا ، هي المهزلة التي كان بطلها النائب البرلماني لإقليم العرائش و رئيس المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير ، السيد :” سيمو”، بالقرب من مقر البرلمان ، عقب خطاب الملك بمناسبة دورة أكتوبر للسنة التشريعية الأخيرة في هذه الولاية .
و يمكن استخلاص العناصر التالية من هذا الحادث النشاز و هي كالتالي :
1- إن ما قام به منشط تلك الحلقة يعبر عن ضحالة صاحبها فكرا و ممارسة ، بل و حتى الشعارات التي رفعها بمعية من التف حوله ، تعتبر خارج السياق السياسي الحالي .
2- إنه تجرأ و اقتحم مواضيع و إشكالات أكبر من إدراكه ، و أعطى تصريحات ، هي عبارة عن هذيان لا معنى له .
3- إن المسرحية التافهة التي أوكل له دور القيام بها ، تعتبر هي الأخرى ، إساءة للبرلمان المغربي و مكوناته ، و للوطن و لمدينة القصر الكبير ذات التاريخ المجيد .
4- إن ما وقع هو تعبير حقيقي على التدني المعرفي و السلوكي ، لبعض أعضاء ذلك المحفل التشريعي و منهم ممثل المدينة .
5 – إنه تجلي للأمية السياسية، لكون بعض النواب يتواجدون في البرلمان ، ليس بكفاءاتهم أو مصداقيتهم أو لعلمهم و لكن
بوسائل منحطة و مخالفة للقانون .
وبناء عليه أرفع صوتي عاليا و أقول :
كفى ، يجب احترام هذه المدينة و تاريخها و رجالاتها الأفذاذ .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading