قراءة في إشكالية صلاحية الملك في إقالة رئيس الحكومة في ظل دستور 2011.

3 أكتوبر 2025


ذ. إلياس طلحة :

مع كامل التقدير لجيل Z وحماسه المشروع في التعبير عن آرائه ومطالبه، إلا أنّ ما اطّلعت عليه من لائحة بعض هذه المطالب يطرح إشكالًا جوهريًا من الناحية الدستورية.

فحسب قراءتي كباحث في العلوم الإدارية والسياسية، فإن جزءًا مهمًا من هذه المطالب يتعارض مع روح ومقتضيات دستور 2011، بل وكأنها عودة بشكل أو بآخر، إلى ما قبل هذا التحول الدستوري الكبير الذي جاء نتيجة حراك اجتماعي سنة 2011 وما تلاه من توافق وطني واسع.

ولعل أبرز مثال على ذلك، مطالبتهم بتدخل الملك في إقالة رئيس الحكومة.
فدستور 2011 واضح في هذا الباب: الملك يعيّن رئيس الحكومة من الحزب السياسي المتصدر لانتخابات مجلس النواب، لكن لا يملك صلاحية إقالته بإرادته المنفردة، إذ إن الدستور ربط استمرار رئيس الحكومة بالثقة البرلمانية، حيث يمكن إسقاطه عبر آليات دستورية مثل ملتمس الرقابة أو الاستقالة الطوعية، وبالتالي فإن إسناد هذا الحق للملك هو عودة إلى ما قبل دستور 2011، حين كان رئيس الحكومة مجرد وزير أول يُعيَّن ويُعفى بإرادة ملكية صرفة.

إن دستور 2011 لم يكن مجرد نص قانوني، بل محطة مفصلية في مسار الإصلاحات السياسية بالمغرب، إذ كرس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ووسع من مجال الحقوق والحريات، وأرسى قواعد الجهوية المتقدمة والحكامة الجيدة، لذلك، فإن أي نقاش مجتمعي حول المطالب لا يمكن أن يتجاوز هذه المرجعية الدستورية، بل الأجدر هو التفكير في كيفية تفعيل هذه المقتضيات وتطويرها، لا المطالبة بالعودة إلى ما قبلها.

وأؤكد هنا أنني لا أدافع عن رئيس الحكومة كشخص أو حكومة بعينها، ولا أقف ضد مطالب جيل Z باعتبارها تعبيرًا عن وعي جديد، وإنما أدافع عن روح القانون والدستور كمرجعية عليا تؤطر الجميع، وتضمن استمرارية الدولة في مسارها الإصلاحي.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading