“عادة ما تخون الحشود الشعب

2 أكتوبر 2025
Oplus_131072

– لبيب لمسعدي :
وكان ڤيكتو هوغو يقول اليوم عندما يتحول غضب الجيل زد إلى سلاح ضد نفسه، فكتحليل لعبارة مؤلف رواية البؤساء، التي قد نفهم منها أنها أولا ليست مجرد تلاعب لفظي، بل تمييز مفاهيمي عميق. فالشعب: كيان نبيل، جماعي ودائم. يجسد الطموحات المشروعة، والسعي نحو العدالة، والصالح العام. الشعب هو القضية والجوهر.
والحشود، هي التعبير اللحظي، العاطفي والاندفاعي لهذا الشعب. إنه الشعب في لحظة غضب قد تخلع عنه ثوب العقلانية، وتتسلط عليه شحنات الغضب.
الفعل (تخون)يحمل دلالة قاسية. لا تعني (تدمر) بل قصدالتخلي عن الرسالة وتنكر للمبادئ ذاتها. الخيانة الأكثر مرارة هي التي تأتي من الداخل. فالحشود عندما تندفع نحو العنف والدمار، فإنها تتوقف عن خدمة القضية ذاتها والأكثر من ذلك، تضر بها، تخونها. وتقدم حججا جاهزة لمن يريدون تشويه الحراك في مجمله.
والتطبيق على السياق المغربي: الصرخة المشروعة واليد الثائرة المضللة.
اليوم في المغرب، يخرج جزء من جيل Z إلى الشوارع. احتجاجهم عميق، ومطالبهم ذات مشروعية، وهي نابعة من شعور حقيقي بالتهميش، ومستقبل مغلق، ومعاناة واقعية مع سياسات حكومية قاصرة. لا يمكن لأحد أن ينكر شرعية هذا الصوت الشعبي، خاصة صوت شبابه.
غير أن ظاهرة مقلقة تبرز على هامش هذه الاحتجاجات. مشاهد عنف واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة. هنا حيث تخون الحشود )أو على الأقل شريحة منها) الشعب.
الواجهة الزجاجية المحطمة لتاجر صغير، السيارة المحروقة لموظف، الحافلة العامة المتخربة. هذه الأفعال لا تضرر الحكومة. إنها تضرب مغاربة مثلهم، يعانون نفس الضغوط الاقتصادية. هذه الممتلكات تمثل سنوات من الكدح، وعائلة، وحلم أب متواضع. هذا العنف هو كلب يعض ذنبه, يزيد من البؤس الذي يزعم محاربته.
إن قوة أي حراك احتجاجي تكمن في مصداقيته وقدرته على كسب الرأي العام. عندما تطغى صور العنف والفوضى، يتحول النقاش. لم نعد نتحدث عن المطالب المشروعة، أو الأزمة الاجتماعية، بل عن مخربين وأعمال شغب. عندها، تظهر الردود الأمنية القوية مبررة في أعين جزء من المجتمع. عنف أقلية يقدم ذريعة ثمينة لتشويه الاحتجاج السلمي للأغلبية. يسمح بإغراق الرسالة في ضجيج صفارات الإنذار وزجاج النوافذ المحطم.
هذه الخيانة من قبل الحشود تغذي حلقة مفرغة. عنف المحتجين يستدعي غالبا ردا أمنيا أكثر حزما، قد يكون أحيانا مفرطا، وبالمقابل، قد تدفع أعمال عنف أمنية، ينظر إليها على أنها غير مبررة إلى تصعيد الغضب ودفع المزيد نحو العنف. في هذه الحلقة، الكل خاسر. النقاش الجوهري يختنق، والثقة بين المواطن والدولة تتآكل أكثر.
فهم مقولة فيكتور هوجو هو فهم الفخ الذي توقع نفسها فيه شريحة من الشباب. الغضب مبرر، لكن التعبير عنه يجب أن يكون راشدا. القوة الحقيقية، القادرة على هز الأنظمة، ليست في تدمير ممتلكات الجار، بل في المقاومة السلمية، والمثابرة، والذكاء الاستراتيجي.
التحدي المطروح على جيل زد هو رفض هذه الخيانة الداخلية. تحويل الغضب المشروع إلى قوة اقتراح وحشد بناء، تعزل المخربين وتبرر عدالة القضية. لا تدعوا الحشود في اندفاعها، تخون الشعب النبيل وحلمه بمستقبل أفضل. ألا يوجد بين المخزن والدولة العميق وممثلي الأمة وجيل Z والمناضلون القدامى رجال حكماء؟

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading