– الدكتور سعيد حاجي:
عندما كان الشارع المغربي يغلي في الستينات من القرن الماضي، كانت البلاد تتوفر على نخب وزعامات سياسية لها القدرة والجرأة على نقل مطالب المواطنين والدفاع عنها، وحتى عندما كانت تضطر إلى التفاوض والتنازل، كانت لها نفس القدرة والجرأة على إقناع المواطنين بجدوى التنازلات ودفعهم للتخفيف من حدة الاحتجاج والمواجهة، كانت نخبا سياسية تتنازل لاعتبارات سياسية محضة، حتى وإن أخطأت في تقديراتها فإن أخطاءها كانت تبقى في حدود السياسة.
النخب السياسية التي وجدها جيل z أمامها اليوم في أغلبيتها الساحقة نخب انتهازية، علاقتها بالسياسة علاقة ريعية بامتياز، تقيس ولاءها للدولة بحجم الريع الذي تحصل عليه، قواعدها الشبابية قواعد تم استقطابها على أساس الاستفادة من ريع التبعية لرموز الفساد الانتخابي، وهو ما أنتج سلسلة ريعية مزيفة الولاءات للوطن ورموز الحكم، وهذه السلسلة لن تستطيع بطبيعة الحال استيعاب كل الشرائح المجتمعية، كما ان هناك فئات أخرى ترفض الاندماج فيها. والنتيجة، أن النخب السياسية الحالية ليس لها أي تأثير أو نفوذ رمزي على الموجودين خارجها، بالشكل الذي يمنحها القدرة على محاورتهم أو إقناعهم بتخفيف احتجاجاتهم أو تليين مواقفهم.
من نتائج تجريف الحقل السياسي وتحويل التنظيمات السياسية إلى محميات ريعية، أن الخسارة كانت مزدوجة، خسرت الدولة النخب التي كانت تحميها خلال الازمات، وخسر المجتمع قنوات مهمة لإيصال صوته ومطالبه، وبين الخسارتين ظهر جيل z بمطالب واضحة وقيادة غير واضحة، بينما اختفت نخبنا السياسية التي اعتقدت الدولة انها “واضحة” بما يكفي للدفاع عنها خلال الأزمات