– بقلم : أ . ف
ستة أشهر من الصبر، الإجراءات، والمصاعب، لم تضعف عزيمة السائحين البريطانيين ستيف وتيري، اللذين قررا أن يجعلوا من كلبة ضالة صادفوا طريقها في المغرب فردا من أسرتهما الصغيرة في إنجلترا.
القصة بدأت في جنوب المغرب، خلال رحلة بالدراجات الهوائية، حين التقى الزوجان بكلبة هزيلة في إحدى القرى. المدهش أن هذه الكلبة تابعتهم لأيام طويلة، وكأنها اختارتهم بنفسها. فقد ركضت خلفهما لمسافة تجاوزت 100 كيلومتر، تحت شمس حارقة، وعلى طرق وعرة مليئة بالغبار والحصى، تعاني من الجوع والعطش والخوف من السيارات التي تمر بجانبها. مشهد مؤثر جعل الزوجين يعلمان أن التخلي عنها لم يعد خيارا، فقررا تبنيها ومنحها اسم “هارا”.
لكن الطريق لم يكن سهلا. فالقوانين الأوروبية الخاصة بنقل الحيوانات الأليفة تفرض سلسلة طويلة من التلقيحات والإجراءات الرسمية. وهو ما أجبر ستيف وتيري على ترك “هارا” في مأوى للكلاب بالمغرب، بينما استمرا في متابعة معاملاتها الطبية والقانونية من بعيد.
أشهر من الجهد والمصاريف والانتظار، انتهت أخيرا بفرحة عارمة: “هارا” عبرت الحدود لتجد نفسها بين أحضان أسرة جديدة، لم تعد مجرد سائحين صادفتهم، بل أصحاباً حقيقيين.
وتزداد قصة “هارا” قوة بمعناها الإنساني، فهي لم تنج فقط من حياة التشرد في الشارع، ولا من الجري المضني مئات الكيلومترات في ظروف قاسية، بل أيضا من حملات قتل الكلاب الضالة التي تعرفها عدة مناطق في المغرب، والتي ما تزال تثير جدلا كبيرا بين من يعتبرها “حلا” وبين أصوات حقوقية تطالب بالبدائل الإنسانية.
اليوم، لم تعد “هارا” كلبة ضالة، بل صارت جزءا من عائلة بريطانية، وملهمة لمتابعين كثر على منصة إنستغرام، حيث يشاركون تفاصيل حياتها الجديدة في وطنها الثاني. وقصتها تذكرنا جميعا أن الرحمة لا تعرف حدودا، وأن القليل من العطف قادر على إنقاذ حياة، وربما منح معنى جديدا لكل من الإنسان والحيوان معا.
