
بقلم : ذ . إلياس طلحة
خروج ناصر الزفزافي من السجن لحضور جنازة والده، دون حراسة ظاهرة ووسط آلاف الناس، لم يكن مجرد حدث عابر أو إجراء إنساني عادي، بل هو لحظة حبلى بالإشارات.
أن تمنح الدولة الثقة لرجل سبق واتُّهم باتهامات ثقيلة جدا، وتسمح له بالوقوف أمام جمهور غفير في لحظة حسّاسة مثل هذه، فذلك يحمل دلالة على أن الأمور بدأت تتحرك في اتجاه جديد.
لكن ما كان مفاجئًا أكثر، هو الكلمة التي ألقاها ناصر الزفزافي من نفس السطح الذي كان يُخاطب منه الناس أيام الحراك، كلمة مرتجلة، لا توحي بأي تنسيق مسبق، لكنها عميقة وناضجة.
تغيّر واضح في الخطاب: من كلمة “الريف” إلى تعويضها بكلمة “الوطن”، من لهجة الغضب إلى لغة الوحدة والمسؤولية…
هذا التحول لا يمكن أن يكون وليد لحظة، بل هو حصيلة تأمل طويل ومراجعة ذاتية في زنزانة العزلة.
ربما التقطت الجهات العليا هذه الإشارات، وربما ما زالت في طور القراءة والتأمل، لكن من وجهة نظر إنسانية وسياسية، لا يبدو من المنطقي استمرار سجن رجل غيّر خطابه، وهو أكثر شيء أدى به إلى السجن، وخفّت حدّته، ومرّ بوجع الفقد والمعاناة، هو وأسرته.
لذلك؛ أرجو كما يرجوا جميع أبناء هذا الوطن، رجاءنا الصادق إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، بأن يتفضل بعفوه المولوي الشريف على ناصر الزفزافي، كما عهدناه دائم الرحمة والعفو في مثل هذه اللحظات، التي يكون فيها الوطن أحوج ما يكون إلى طيّ صفحة الألم، وفتح أبواب الأمل.
نتمنى أن يكون هذا الظهور الإنساني بداية انفراج قريب، فالوطن في حاجة إلى لمّ الشمل، لا تكريس الشقاق، وطيّ صفحة الأزمات يبدأ بخطوة شجاعة، من الجميع.