حاورها : محمد كماشين
سبق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن أصدرت بلاغا أثار ردود أفعال قوية على مستويات : الأوساط الشعبية ، والأحزاب السياسية ، والنقابات والجمعيات المدنية والحقوقية بسبب تحديد سن اجتياز مباريات أطر التدريس وأطر الدعم التربوي والإداري والاجتماعي، المقررة للسنة المقبلة، في عمر يقل عن 30 عاما.
إلى جانب تحديد السن أشار بلاغ الوزارة إلى أن المترشح يتطلب منه ألا يرتبط بأية علاقة شغل مع مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي أو أي مشغل آخر، إلى جانب اشتراط الميزة المحصل عليها في الباكالوريا والإجازة وسنة الحصول على هذه الأخيرة. مع إعفاء الحاصلين على إجازة في التربية من مسطرة الانتقاء الأولي، وسيجتازون الاختبارات الكتابية بشكل مباشر.
ومعلوم أن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين كانت تشترط في السابق ألا يتجاوز عمر المرشحين 45 سنة عند تاريخ التحاقهم بمقرات عملهم.
ولقد أجرينا حوارا في الموضوع مع الأستاذة خديجة الشرقاوي الناشطة الجمعوية والحقوقية رئيسة مركز ليكسوس للدراسات القانونية والسيكولوجية .
1- هل من قراءة سريعة للقرارات الأخيرة لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة حول تسقيف سن التعاقد ؟؟؟
مركز ليكسوس للدراسات القانونية والسيكولوجية إطار جمعوي حقوقي يهتم بمختلف القضايا خاصة الملفات القانونية الحقوقية التي تهم الانسان ككل ، و انطلاقا من اهتمامات المركز يمكن القول إن ما ورد في بلاغ الوزارة المعنية غير منطقي ارتباطا بالتوقيت والراهنية المغربية محليا وإقليميا والتي تتسم بالتوثر مع جارتنا الشرقية ، وأعتقد أننا في غنى عن ذلك ، فأي قرار يمكن أن يحمل في طياته شرارات قد تؤثر سلبا في صفوف الشباب المعطلين
إن ما أقدم عليه وزير التربية الوطنية تم بشكل انفرادي إذ لم يشرك الأكاديميات في التنزيل ولا فتح حوارا مع النقابات وهو ما سوف تكون له تداعيات ليست في صالح البلاد ولا في صالح الفئات المعطلة
2- اين تتجلى مكامن الخلل؟؟
من بين الشروط المؤثرة سلبا ، شرط الميزة لحاملي الإجازة الأساسية ، و هذا الشرط لم يشمل حاملي إجازة علوم التربية الذين تم إعفاؤهم من ذلك ، وفي ذلك عدم تكافؤ الفرص ، بعد مطالبة حاملي الاجازات الأساسية بميزة لا تقل عن 12.5 .
الخلل الثاني يرتبط بتحديد سن القبول في ثلاثين سنة ، علما بأن قانون الوظيفة العمومية يسمح بالتوظيف ابتداء من سن 18 الى 45 سنة ، فما هي مبررات إقصاء شريحة فوق الثلاثين سنة ؟؟ ثم ماهي البدائل المقترحة لهذه الفئة ؟؟ فالدولة لم تقدم أي مقترح لهؤلاء ؟ فأي مصير ينتظرهم ؟!
لنا أن نسائل المسؤولين ، ومن اشترط شرط الميزة ، كيف تعترفون بنجاح أفواج وأعداد الطلبة المجازين دون ميزة ، وفي المقابل لا تجيزون لمباراة التعاقد الا من تخطى عتبة معينة ( 12,5) ، باعتبار سواهم غير أكفاء وغير مؤهلين ، وأعتقد خلاف ذلك فأي حاصل على الإجازة فهو كفء .
ولعل ما حمله بلاغ وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة من شرط التوفر على صحة بدنية ممتازة للراغبين في اجتياز مباريات التعاقد يدعونا إلى استحضار ما يرد في الخطاب الرسمي بضرورة الاهتمام بأصحاب الإعاقات ومنحهم الفرص كاملة ، وفي ذلك وقرار الوزير بنموسى تعارض …
كما أن الإعاقة نوعان دائمة ، وعارضة كمن أصيب بحادث يرجى شفاؤه وغير ذلك ، فما مصير هؤلاء حين يتزامن تاريخ المباراة بوقت الإصابة ( الإعاقة العارضة ) ؟؟
وومن هذا المنبر أدعو إلى منح أصحاب الاحتياجات الفرصة كاملة كغيرهم ، ضمانا للإنصاف وتكافؤ الفرص والحق في الشغل حتى لا نكون كمن يدعو إلى أمر وينهى عنه .
لقد تحدث بلاغ الوزارة عن اقصاء المنتسبين لقطاع التعليم الخصوصي من مباريات التعاقد كيف ذلك ونحن نعلم جيدا واقع هذا القطاع وظروف الاشتغال: لا ضمان اجتماعي الا للقليل..، تدني وضعف الرواتب حتى أن هناك من يتقاضى 800 درهم فقط شهريا ، فهل في نظر الوزارة نعيش بهذا المبلغ ؟؟! فالأجدر العمل على تحسين اوضاع المشتغلين بالتعليم الخصوصي بدل حرمانهم من البحث عن آفاق احسن وأرحب !؟!
3- ألا تعتقدين إعفاء حاملي إجازة علوم التربية من الميزة والانتقاء إنصافا لهم ماداموا الأقرب والأنسب لمهنة التدريس ؟؟؟
لا أعتبر هذا الطرح إنصافا ، وأنادي بتكافؤ الفرص بين حاملي نفس الشهادة ، فهذه إجازة وتلك إجازة ،اذن فما مصير حاملى إجازة الاداب في الفرنسية والإسبانية والإنجليزية أفليست هذه التخصصات الأقرب إلى التدريس فعلى الوزارة أن تفتح الباب للجميع ليدلي الجميع بدلوه لتبقى المباراة هي الفيصل ، والبقاء للأصلح
4- ألا توجد في مقترحات وزارة التربية الوطنية مقترحات إيجابية؟
كل المقترحات الواردة في بلاغ الوزارة مع الاسف سلبية لما ستكون لها من انعكاسات سلبية على نفسية الشاب العاطل عن العمل من أصحاب الإجازات المهنية وغيرها ، سواء أكان أقل من ثلاثين سنة أو أكثر ، فما جدوى السن المحدد إذا كان لا يتوفر صاحبه على الميزة على مستوى الباك و الإجازة ؟
لقد اتضح أن للقرار اهتزازات نفسية أبرزها عدم الثقة في النفس ، وفي المسؤولين ومؤسسات الدولة من جامعات وغيرها ، ولقد لاحظنا كيف أقدم أحد الشباب على إحراق شواهده التعليمية كما نقلت لنا ذلك مواقع التواصل الاجتماعي ….. إلى جانب تنامي الحركات الاحتجاجية وهو ما يدفعنا إلى التساؤل : ألسنا مواطنين ؟ وهل بلوغ سن الثلاثين يعني بلوغ سن اليأس ؟؟ ولسوف تكون لقرار وزير التربية الوطنية تبعاته السلبية من جريمة وانتحار وغيرها من المظاهر التي نحن في غنى عنها.
5- وماذا عن إصلاح التعليم باختصار؟
يمكن اعتبار تعاقب الوزارات عاملا من العوامل السلبية باستحضار عدم التقائية المشاريع بين القطاعات ، فالمدرس ليس وحده محورا لللإصلاح فقط ، جميع الوزارات معنية بذلك من نقل و صحة وغيرها …. حتى تتوفر للمدرس والمتعلم الظروف اللائقة ، فبدون ذلك لا حديث عن الجودة ..
إصلاح التعليم يعني إصلاح منظومة شاملة لكونه يرتبط بما هو اجتماعي مجتمعي ، وحبذا لوكان موضوع تناظر واتفاق بين المهتمين حتى يدلو كل واحد بدلوه ، وأتأسف كيف للوزير بنموسى الذي كان مكلفا بإعداد تقرير النموذج التنموي لم يسائل كل الفئات والشرائح ، فكيف تواصل مع الجميع فاعلين وغيرهم ؟؟ لذلك أشك في أن يعطى النموذج التنموي ثماره على المدى البعيد .
6- وماذا بعد
لابد من التنسيق بين مختلف القطاعات خاصة وزارتي التشغيل والوظيفة العمومية لمعرفة الاحتياجات وتحديدها وفق مقاربات معقولة ، وما يحدث من إقصاء ليس على مستوى وزارة التربية الوطنية وحدها فهناك حديث عن مشروع قد يقصي المجازين برمتهم من الراغبين في الالتحاق بسلك المحاماة والاقتصار على حاملي شهادة الماستر ، وأشد ما أخشاه من أن تتحول الميزة إلى عائق .
كلمة أخيرة
أدعو المسؤولين إلى العدول عن الشروط المجحفة التي وضعت بطريق الراغبين للالتحاق بسلك التربية الوطنية لأنها شروط إقصائية لا تنسجم وروح الدستور و حقوق الانسان ، بل يجب تعويضها بشروط أخرى مرنة و سلسة.