الجاسوسة ” مارغريت ” (02).

19 نوفمبر 2021

ذ : إدريس حيدر :

كانت المدينة كما باقي الوطن تشهد غليانا نتيجة تعبئة السكان من أجل المطالبة بالاستقلال.
كثرت الاجتماعات في المنازل و المساجد و التي كانت أحيانا تطول إلى ساعات متأخرة من الليل ، حيث كانت تُجْمَعُ التبرعات المالية بغية إرسالها للفدائيين قصد مساعدتهم و كذا لشراء معداتهم بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى قيام بعض الشباب بأعمال بطولية ،بسرقة الأسلحة من منازل الضباط و من الثكنة الرئيسية في المدينة و بعثها للمقاومة المسلحة .
و كان كلما وقع حدث من هذا القبيل ،إلا و استنفرت القوات الإسبانية الاستعمارية ، و انطلقت في حملات اعتقالات و استنطاقات من أجل الوصول إلى الفاعلين الحقيقيين و من معهم.
و كان جيران السيدة ” مارغريت ” ،قد لاحظوا تردد ضابط بعينه على منزلها و كان هذا الأخير قصير القامة مكتنز الجسد و منتفخ الصدر و متطاوس المشية، و كان القوم قد ارجعوا ذلك التصرف إلى كونه عادي و هو من صميم عمل الأجهزة الأمنية و المخابرات الاستعمارية .
و لوحظ أيضا أنه عند إلقاء القبض على أحد الفدائيين أو الوطنيين ،كانت السيدة ” مارغريت ” تغيب عن الحي لمدة غير محدودة ، و كذلك وجد الجيران لها اعذارا و مبررات مفادها أنها تخاف الاحتقان و تصدع العلاقة بين المغاربة و الإسبان و هذا ما كانت تمقته.
و في إحدى صباحات فصل الشتاء الباردة لستة 1955 ،لاحظ أحد المارة بالقرب من منزلها انسياب بعض الدم من تحت بابه.
تجمع الجيران و بالرغم من صياحهم و مناداتهم عليها ،لم يُفْتَحْ بابُ منزلها.
فتم الاتصال حينئذ بالجهات المختصة التي انتقلت إلى عين المكان و كسرت باب منزل السيدة ” مارغريت ” بعد حصولها على الإذن بالولوج.
وكانت مفاجأة الحاضرين مروعة بمجرد دخولهم المنزل، إذ وجدوا السيدة ” مارغريت ” مذبوحة من الوريد إلى الوريد .
وقع مسح أمني للمنطقة برمتها و اتخذت إجراءات مشددة من أجل إيقاف القاتل الحقيقي و من معه ، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل .
و بعد استسلام و يأس القوات الأمنية من الوصول إلى الفاعل الرئيسي للجريمة، أثار انتباههم غياب صاحب دكان المواد الغذائية ” المقابل لمنزل الهالكة ، و المسمى ب ” دا الحسين “.
كان هذا الأخير قصير القامة ،يرتدي في الغالب ملابس تقليدية مغربية و يضع دائما على رأسه ” طاقية ” ، و كان وجهه قد عَلَتْهُ كثير من التجاعيد ،كما أنه كان قد فقد كل أسنانه و أصبح فمه اجوفا.
عُرِفَ بوطنيته الكبيرة ، و كان مدمنا على الإنصات لمحطة ” صوت العرب ” من القاهرة التي كانت تذيع برامج خاصة عن

حركات التحرير في المغرب الكبير.
و كانت الألسن تتناقل همسا ،أنه جاء فارا من مسقط رأسه:” اشتوكة آية باها ” بعد تصفيته لأحد الخونة المتعاونين مع الاستعمار.

يتبع…

تشكيل : إدريس حيدر

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading