
– ذ ادريس حيدر:
و إن أنسى لن أنسى الجانب الروحى طيلة شهر رمضان ، حيث كنا نصاحب آبائنا لأداء الصلوات الخمس في مسجد الحي ، لكن في ” ليلة القدر” ، نصلي التراويح في مساجد مختلفة إلى ساعة متأخرة ، لا نشعر بالتعب بل تغمرنا سعادة كبيرة و نحن ننخرط في حظيرة الكبار و نكتشف عالم العبادات في مساجد بعمران أندلسي في غاية الجمال .
و تكثر هذه العبادات في العشر الأواخر من رمضان .
مرت السنوات و كبرنا ، و أصبحت لدينا اهتمامات أخرى ، مما جعلنا نستغل الزمن الرمضاني و نجعله محطة للفكر و المعرفة و الثقافة و السياسة .
و هكذا انتظمنا في إطارات سياسية و نقابية و جمعوية ، و من خلالها كنا ننظم ندوات مفيدة و مجدية و غنية في اختصاصات متنوعة .
و هكذا استضفنا في مدينتنا الصغيرة و العريقة ، كبار المفكرين وقادة سياسيون و نقابيون و مثقفون من طراز رفيع ، في سهرات رمضانية ، و كان يحج لهذه الفعاليات فئات من كل أطياف المجتمع المدني .
أجل كانت تعم في رمضان أجواء العبادات و الإحسان و الصدقات ، و التثقيف ، فضلا عن الصيام و الصلاة .
هذه بعض المقتطفات من أزمنة شهر رمضان ، حيث كانت تمتزج أجواء العبادات بالثقافة و المعرفة فيحصل الإشباع الروحي و الوجداني .
و يقينا أن الوسائل التكنولوجية المتقدمة ، جعلت نمط العيش في رمضان المذكور يندثر و يختفي لتحل محله الفرجة البصرية التي تتم عبر الوسائل السمعية / البصريةً و عبر الهواتف المحمولة ، و بالتالي فإنها جعلت الصائم يتعاطى لها حد الإدمان ، و هنا فإن الأسئلة التي قد تطرح نفسه هي :
– هل لازال الصائم يستمتع بالأجواء الرمضانية كما كان في السابق ؟
– و هل لازالت تتحقق للصائم تلك المتعة الروحية و التكوين المعرفي، أم أن هذا الأمر أصبح من الماضي ؟
أما الآن فيلاحظ أن هناك عادات و قيم أخرى بصدد التكريس في المجتمع قوامها : الفرجة بكل أنواعها و التي هي أقرب للسخافة و الاستهلاك المفرط لها ، و سهرات و سمر يميزها و يطبعها التفاهة و الضحالة .
انتهى /…