الخنثى جسد بدون وجه

20 مارس 2025

حلقات رمضان وكتاب: رحلة في الفكر والتأمل
الفلسفة السياسية النسوية سؤال السيادة والكونية في فكر سيلا بنحبيب
من تأليف :د عزيز الهلالي

  • الحلقة 18 : الخنثى جسد بدون وجه

اقتحم في سنة 1868 كل من الدكتور ريغني (Régnier) ومفتش الشرطة منزلا بحي مدرسة الطب، حيث وجدا شابا في مقتبل العمر جثة هامدة. وقد عثرا على رسالة فوق مكتبه كُتب عليها كلمات اعتذار موجهة لأم الضحية، وبجانب سريره عُثرا على أوراق مذكراته.
وبعد عملية التقصي والبحث أشار التقرير الطبي إلى أن الحادثة تعود إلى حالة انتحار وأن الجثة تحمل آثار اختناق بالغاز كما تحمل علامات شاذة على مستوى الجهاز التناسلي.
ونظرا لأهمية الحدث عمل الدكتور أمبرواز تارديو (Ambroise Tardieu)على نشر مذكرات الشاب المدعو أديلايد هيركيلين باربان (Adélaide Herculine Barbin) في الفضاء العمومي تحت عنوان (Questions Médico-Légal De L’identité Dans Ses Rapports Avec Les Vices De Conformation Des Organes Sexuels) .
يسرد الشاب في مذكراته حكايته بأسلوب أدبي رشيق وبلمسات تعبيرية يتداخل فيها الحب والخوف، العاطفة والغضب، الصدق والذنب…وإذا أردنا تجزئ مذكراته إلى مقاطع مفصلية، فيمكن توزيعها إلى ثلاث مراحل:
في المرحلة الأولى، نستشف نسمات الحرية وقد ملأت رئتيه بنسائم الحب وهذيان العشق، حيث توحدت روحه مع جسده أو لنقل انفلتت روحه من عقال جسده لينغمس في التيه الوجداني والعاطفي.
أما المرحلة الثانية، فهي مرحلة الاضطرابات الداخلية وعدم الاستقرار النفسي، بسبب هول الصراع بين متغيرات جسدية أفرزها نضج الأعضاء التناسلية وأصوات خارجية ( الطبيب والكاهن…) تجبره على التشخيص لتقرير مصيره الجنساني.
والمرحلة الأخيرة، فهي مرحلة الثورة والغضب أجبرته على وضع حد لحياته.
(يتبع)

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading