
ذ: ادريس حيدر :
يقينا أن الجميع لازال يتذكر السيد :” البوعزيزي ” ذلك الشاب التونسي الذي الذي لقي حتفه بعد أن أشعل النار في جسده ، احتجاجاً على التعسف و الظلم و الاستبداد ( الحكرة) الذي تعرض له .
و من نافلة القول ، التأكيد على أن هذا الحدث ، كان بمثابة الشرارة التي أطلقت ” ثورة الياسمين” في تونس ، و كانت مقدمة لكل الثورات العربية الأخرى ، و التي أطلق عليها ” الربيع العربي” .
مناسبة هذه المقدمة ، هو ما قام به ذلك الشاب المراكشي و المسمى :” عبد الإلاه الشلوخي ” ، الذي استطاع و بمبادرةمنه ، فردية و جسورة ، فضح الوضع الجد المتدهور و الرديء و السيء ، الذي تشهده الأوضاع التجارية ، و التي تصيب حياة و قوت الشعب في مقتل .
لقد قام بعرض الأسماك التي يبيعها بالتقسيط ، كتاجر بسيط ، بأثمان رخيصة إن لم تكن زهيدة ، تختلف عن تلك الموجودة في السوق ، فاضحا بذلك كثيرا من الأيادي الوسخة و النفوس الآثمة التي تسرق قوت الجماهير .
و قد صادف ذلك حلول شهر ” رمضان ” الفضيل حيث يكثر استهلاك السمك من طرف الأسر المغربية .
لقد كانت مبادرته ، إعلانا عن إدانة الوسطاء و ” الشناقة” و بعض القطط السمان من تجار همهمًًً الوحيد هو الربح و ذلك بامتصاص دم الفقراء .
لقد اشتعلت حينذاك مواقع التواصل الاجتماعي مهللة و مباركة ، هذه العملية المحمودة ، التي قام بها ذلك الشاب المراكشي .
و قد بدا للعموم أنه يمتلك قدرا غير يسير من الثقة في النفس و مرده ، قوة الحق التي يتمنطق و يتسلح بها .
لقد لقي ما قام به ذلك الفتى ، استحسانا و ترحيبا و إشادة ، نظرا لكونه هز قلاع سراق قوت المستضعفين .
هذا الفعل الذي عرى المستور ، و فضح الأطراف المتورطة في إيذاء المواطنين و اختلاس جهدهم و عرقهم و قوتهم و قوت أبنائهم و ذويهم ، طرح أسئلة مشروعة كالتالي :
– أين هي الدولة من كل هذا الفساد الذي يزكم الأنوف ؟
– و أين هي الأحزاب التي تدعي لنفسها مراقبة الحكومة من خلال صحفها و ممثليها في ” البرلمان”، و مسائلة المسؤولين عملا بالمقتضى الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة ؟
– و أين هو ذلك ” البرلمان ” الذي يلتهم ساكنوه ملايير من ميزانية الدولة التي يؤديها الشعب ، و الذي يعقد بين الفينة و الأخرى ” سيركه” الشهري ، و أغلب أعضائه نياما ؟
– و هل لا يمكن اعتبار مثل هذه المبادرات ، كشف و فضح للنخبة السياسية و الاقتصادية و فضح للمكونات التالية : الحكومة ، الأحزاب ، الجمعيات ،بعض الإعلام …الخ.
قد يخلص المرء من خلال هذه الواقعة ، على أنها إطارات صورية بل و متواطئة بشكل أو بآخر في الفساد الذي ينخر البلاد .
– و هل ليس من حق المواطن ، و الحالة هذه ، فقدان ثقته في هذه المؤسسات ؟
إن هذه العملية الشجاعة ، تعتبر بمثابة فعل يحوي” قوة هادرة” تصيب الهدف بدقة بعيدا عن غوغاء الأحزاب و ” بروباكاندا ” الدولة .
و هي من دون شك ، فعل يمتح من نهج ” البوعزيزي” ، و يشجع ، لا محالة، على القيام بآخر ، و يعلن ترصده لكل فساد يؤذي البلاد و العباد .
و هي في الآن نفسه إدانة شعبية قوية للدولة و المؤسسات الصورية .