
ذ . ادريس حيدر .
و عند ساعة متأخرة و غير مألوفة من الليل ، نستيقظ على صدى قرع الطبل ، و الذي كان يتردد صداه في كل مكان ، و خاصة في الأزقة الضيقة ، حيث يخيم سكون الليل ، و بالتالي كان يُسمع قويا .
كان هدف تلك العملية هو إيقاظ الناس من النوم من أجل تناول طعام السحور ، و هذا الشخص الذي يقوم بهذه المهمة طيلة الشهر الفضيل هو الذي يُسمى في الشرق العربي ب” المسحراتي”.
كانت أمهاتنا يُعدْنَ طعام السحور متآزرات و متضامنات و متعاونات ، خاصة عند طبخهن خبزا خاصة تُسَمَّى ” المخمارة” .
كانت تجري هذه العملية تحت إنارة الأزقة و في الهواء الطلق .
كن كذلك يتبادلن بعض التوابل و مواد أخرى ، كما كن يطلقن نكتا و قفشات لتجزية الوقت و الترويح عن النفس بعد يوم صيام متعب .
و بالمقابل كنا نحن الأطفال ، ننط من أفرشتنا البسيطة و المتواضعة و نقفز للشارع في انتظار مرور الطبال ، للاستمتاع برؤيته و معاينته و الرقص على إيقاعاته الجميلة تحت أنظار أمهاتنا اللائي كانت ترتسم على أفواههن ابتسامات الرضى .
نتناول طعام السحور في أجواء عائلية مستمتعين بتلك اللحظات الرائعة في حضن أسرنا و فرحين بتناول الطعام في وقت غير مألوف .
كنا نقضي وقتنا طيلة اليوم ، نحن الأطفال صائمين – في محاولة منا لإثبات الذات و نيل رضى الوالدين – بين المدرسة للتحصيل و فضاءات خاصة للعب و اللهو ، و بالتالي كنا نشعر بعطش شديد و إرهاق أشد .
و كم كانت تغمرنا الفرحة و السعادة الفائقة و نحن نتناول طعام الفطور ، عند مغيب الشمس بشهية كبيرة و بنهم شديد .
بعدها كان كبار أسرنا يخلدون للنوم ، بعد أدائهم صلاة التراويح ، لكونهم ، و بعد سويعات سيستيقظون لأداء صلاة الفجر .
يتبع …