الرائدة …

4 مارس 2025

– ذ. ادريس حيدر :

نزل علي خبر ، انتقال ذة.” سعاد الطود”إلى الرفيق الأعلى ، كالصاعقة .
لقد ترجلت الحياة في صمت و دون استئذان . و لقد سبقها إلى نفس المصير ، قبل بضعة أيام ، صديقنا المشترك ذ. ” محمد السكتاوي” .
ترتد علاقتي بالمرحومة ، إلى السنوات الأولى من التعليم الثانوي .
كانت رحمها الله و بالرغم من حداثة سنها : هادئة ، رصينة ، صموتة ، ذكية ، نجيبة و تميزها فطنة لا تخطئها العين و الإدراك .
كذلك قروءة بنهمً كبير ، لنصوص من التراث و كذا مستوعبة للأوضاع السياسية و الإجتماعية للبلاد و العباد .
و يقينا أن المراجع و المؤلفات التي كانت تنهل منها أكبر من ستها و مستواها ، و لعل مرد ذلك إلى التربية التي تلقتها و بيت العلم و الوطنية الذي ترعرعت فيه .
بعد ذلك ، فرقت بيننا السبل ، إلى أن التقينا من جديد في مدينتنا العريقة و العتيقة :” القصر الكبير “.
عملت كأستاذة لمادة الفيزياء و الكمياء ، و عُرِفت في الأوساط التعليمية بإخلاصها في عملها ، و بقربها من التلاميذ و بنزاهتها في العمل ، و لم يكن ذلك غريبا على إنسانة شامخة .
و حسب ما علمتُ ، فقد كانت تتابع الأوضاع السياسية المغربية والعربية في زمن سُمِي ب”الجمر و الرصاص” بشغف لكونها كانت ذات حس وطني و قومي عاليين ، كما أنها كانت تعبر عن آرائها السديدة ، و التي كانت تنتصر فيها للحرية و الكرامة .
ومن نافلة القول التأكيد على أن رسالتها التي كانت قد بعثتها لي ، بمناسبة فوز اليسار في مدينتنا ، فوزا كاسحا في الانتخابات البلدية لسنة 1997( و التي لن أنساها ما حييت ) ، ملأت وجداني حبورا و غبطة ، ذلك أن مضامينها بعد تهنئتي ، كانت كلها إشادة بالحملة التي خُضتها و التي طبعتها : النزاهة و النقاش المجدي حول أوضاع البلاد و العباد ، و اعتبرت هذا الفوز إيذانا بالتحاق فرسان هذا الوطن بالركح السياسي الوطني ، و أن الأمل معقود عليهم .
و توالت الأيام ، إلى أن فاتحتني ذات سنة ، في موضوع كان يؤرقها ، و هو تأسيس إطار نسائي للنهوض بأوضاع المرأة .
و أتذكر أنها انفتحت و استشارت كل ألوان الطيف السياسي و الثقافي بالمدينة .
و كنتُ قد رافقتها في هذه الفترة ، بل و عَمِلتُ بمعية بعض الفضلاء لإنجاح محطة التأسيس ثم الانطلاق في العمل .
و بالفعل كانت هذه الجمعية بمثابة منارة تُضيء سبيل نساء المجتمع نحو أفق رحب ، تتحقق فيها بعض من أهدافها .
من جهة أخرى كانت الجمعية بمثابة إطار تربوي للنساء ، و قد شاركت هذه الأخيرة في ندوات محلية و إقليمية و وطنية .
و لعل اختيارها لاسم الجمعية :” الأنوار ” يحمل في طياته مضامين جد إيجابية و دلالات تاريخيّة إيجابية رفيعة .
و لا أنسى أنها انتسبت لمنظمة العفو الدولية في بداية تأسيسها هي الأخرى ، حيث ساهمت بآرائها النيرة في عديد من اللقاءات و الورشات .
و كان آخر نشاط شاركنا فيه معا ، هو الإعداد لتأبينية الوطني الراحل : ” العقيد الهاشمي الطود ” ، و قد تركت تلك الفعالية آثارا طيبة في نفوس أفراد عائلته و الرأي العام ، كما أنها تركت صدى رائعا على المستوى الوطني .
إن وفاة ذة. ” سعاد الطود ” يعتبر رزية لأفراد عائلتها و لكل محبيها ، و كذا فإن هذا الفقد جلل ، و ترك حسرة كبيرة لدى مكونات المجتمع المدني ، باعتبارها أيقونة الفعل الجمعوي ، و مربية الأجيال ، و المنافحة عن حقوق المرأة ، و الوطنية الغيورة .
فخالص العزاء لأبنائها و أمها و إخوتها و لكل أفراد العائلة و عزاؤنا واحد نحن أصدقاءها و محبيها و صبرا جميلا للجميع .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading