
نلتقي خلال شهر رمضان الأبرك مع حلقات من كتاب: الفلسفة السياسية
النسوية سؤال السيادة والكونية في
فكر سيلا بنحبيب ، لمؤلفه الدكتور عزيز الهلالي، باعتبار الكتاب يتناول موضوعات جوهرية تغوص في منطلقات فكرية أسّست للخلفية المعرفية للخطابات النسوية المعاصرة.
حلقات أشرفت على إعدادها : الأستاذة أمينة بنونة .
- الحلقة : 1- ما الحركة النسوية ؟
تخفي بعض الأنماط من الكتابة حول قضايا النوع، بالرغم من أهميتها، جانبا يتعلق بالقدرات والمنتجات الذهنية للمرأة، كما أنهاتحجب مساهمتها في معالجة الإشكالات المتعلقة بالعدالة والاعتراف والمساواة وحقوق الإنسان والكونية والسيادة والفضاء العمومي… ولتسليط الضوء على هذه الجوانب الخفية من إسهامات الفكرية للمرأة، حاولنا نقل إشكالية النوع إلى براديغم فلسفة السياسة. ونعتبر هذه النقلة بمثابة استراتيجية منهجية، غرضها الوقوف عند نظريات فلسفية نسوية تكتسي أهمية كبرى في حقل الفلسفة السياسية المعاصرة.
إن الكتابات الفلسفية حول النوع، تروم الكشف عن الصور المتناقضة بين الإقصاء والاندماج، بين الظلم والإنصاف وبين الاغتراب والاعتراف. وأمام هذه الصور، حاولت الحركة النسوية أن تخوض معارك فكرية ونضالية بُغية تسييد وجهة نظرها في الفضاء العمومي الذي كان حكرا فقط على سلطة الرجل. وبالرغم من مظاهر الاختلاف بين وجهات نظر نسوية، فإن ما يوحد بينها هو السعي نحو بناء عالم أكثر عدلا وإنصافا.
انتظمت النظريات النسوية ضمن تيارات فلسفية كالبراغماتية والنظرية النقدية والماركسية وما بعد البنيوية… والانتساب إلى هذا التيار أو ذاك لا يُراد منه فعلا تصنيفيا وحسب، بل غايته، كما جاء على لسان معظم الفيلسوفات، هو إعادة بناء النظرية الفلسفية. وقد أظهر الفكر النسوي قدرات هائلة في تنفيذ إستراتيجيته نقدية تضمن بناء كونية متوازنة تقوم على إعادة نظر في مفاهيم شكلت إحراجا نظريا مثل: الغيرية الجنسية والحجاب والفضاء العام والفضاء الخاص… وتراهن النظرية النسوية على فكرة مفادها، أنه لا يمكن بناء كونية متكافئة دون تفكيك جوانب ضالة شكلت انتصارا في الفكر الذكوري وفي عدته المفاهيمية، هذه الرؤية ظلت وما زالت تتفاعل بشكل قوي، كمظهر من مظاهر غنى النظريات النسوية وقدراتها على خلخلة ثوابت ميتافيزيقية، سواء في الفضاءات المعرفية أو الأكاديمية أو التعليمية.
ونود أن نشير إلى أن الحركات النسوية المناضلة في صفوف إطارات المجتمع المدني، تستلهم معظم أفكارها من روافد أكاديمية نسوية، هذه الأفكار تلهم الفعل النضالي والحقوقي لهذه الجماعات المنبوذة بمضامين المقاومة والفعل في الساحة السياسية والاجتماعية، ضدا على سلطة المعيار الدستوري أو الحقوقي أو الطبي أو الثقافي.