من وحي فاجعة *صيدنايا* : القفل والمفتاح

12 ديسمبر 2024

بقلم : الأستاذة حنان قدامة
دوما كنتُ مدركة ترابط ثنائية القفل والمفتاح غير أنّ أحداث دمشق الفيحاء في الأيّام الخوالي زادتني يقينا بتلازم وتكامل تلكم الثّنائية
فدمشق التي يشهد تاريخها المجيد أنّ أبوابها السّبعة ظلّت مفتوحة في وجه العابرين والمارين بها ، حاضنة للعديد من الشخصيات التاريخية المؤثرة انطلاقا من “القديس بولس” إلى” خالد بن الوليد توجد في ريفها اليوم زنازين وأقبية تحت الأرض منغلقة على أبنائها من ثائري ومعارضي آل الأسد، يقتاتون شوقا إلى نسائم هواء تداعب صدروهم المختنقة وأشعة شمس تدفئ أوصالهم الباردة ، تلك الزنازين فرّ سجّانوها بعد إسقاط النّظام السّابق خوفا على حياتهم حاملين معهم مفاتيح الحياة والنّجاة لمسجونين تُركُوا جوعى وعطشى، متلهّفين إلى كسرة خبز يقتسمونها مع القوارض . فأين هو المفتاح ؟ أين تلك القطعة الحديدية الصّغيرة التي تراكمت عليها أماني وأحلام السّوريين في العثور على أحبّتهم أحياء أوأمواتا خاصة في مدينة المقدّسات “صيدنايا” التي أصبحت رائحة الموت فيها تزاحم رائحة التاريخ والقداسة . .
فقد تحوّلت مدينة إله الصّيد عند الفينيقيين إلى مدينة صيد وسلخ المعارضين على الرّغم من أنّ شعار “صيدنايا “المثبت على لوحتها الفنّية الكبيرة هو الغزال الذي يرمز إلى الحرّية والوداعة . .
أضحى موت السّجين في سراديب ومعتقلات “صيدنايا ” أمنية،وأ صبح العثور على جثامين الأحبّة أملا للأهالي، فالدّفن يطفئ لظى القلب ويجبر الخاطر بوضع نبتة الآس على قبرالحبيب كما اعتاد على ذلك السّوريون في الأعياد . .
دفن الأحباب أهون بكثير من أن يلقي شبيحة النّظام السابق ببقاياهم في مجاري مياه الصّرف الصّحي بعد سحق العظام بالمكبس الآلي وتذويب الأجساد في حمض الأسيد ليصبح الإنسان مثل المادة الخام يطوعها أشباه الإنسان كما يشاؤون . تمر الأيّام واللّيالي ويخفت تساؤل السّوريين :أين المفتاح ؟ وأين الأحبّة ؟ هل هم لازالوا على قيد الحياة ؟ أم قضوا نحبهم؟ ام كبستهم مكابس بشار الأسد أمواتا بعد أن كبتهم أحياء ؟ . .
في انتظار الجواب عن سوال المأساة والرزية السورية وددت لو تتحوّل حكاية” علي بابا “مع الأربعين حرامي” إلى حقيقة وواقع، فيفتح لنا أبواب المعتقلات في سوريا وفي غيرها من الدّول العربية بندائه الشّهير “افتح يا سمسم ” وبدل أن تفتح مغارة علي بابا تفتح الأقبية الظلماء لتنفذ إليها نسائم الحرّية والكرامة الإنسانية …….

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading