
د . عزيز الهيلالي :
ذات مساء كنت جالسا أمام الحاسوب أنقر فوق أزراره، أحاول إنهاء فصل من روايتي، استوقفتني فقرة، فأعدت قراءتها:
” وإذا بصوت رقيق مفعم بالأنوثة، جذاب في مخارجه، أنيق في وداعته، لطيف في حضوره يقول:
- ” أنا المرأة التي عشقتُ حروفه، تمرغتُ في روحه، تعلقتُ بجنونه، سكنتُ هواجسه، داعبتُ غضبه، وهمتُ في عوالمه”.
أخذتني هذه الفقرة أخذا، و تاه بي الخيال، عشقت هذه الشخصية من روايتي، عشقت شكلها وهيئتها وأنوثتها، كنت شاردا تماما في عوالمي، وإذا بي أقفز على وقع صوت أفزعني يصيح بشكل هستيري:
- “أنتَ… يا وحيد… يا زفت… أتخونني؟!”
كان الصوت يقترب مني وشرارة الغضب تهز أركان الغرفة، لم يتوقف الصوت، أو على الأقل يتراجع مداه، كان يصرخ ويصرخ عالٍيا:
- “أيها الخائن، أنا أجمل من تلك التي يداعبها خيالك، أصغر منها، أرقى منها، وأكثر منها مالًا وجاهًا ومنصبًا…”
كان الصوت يقترب مني أكثر فأكثر، لم يعد بيني وبينه سوى أنفاس أراها ولا ألمسها. خِلتُ في لحظة أن هذا الصوت سيطوق عنقي بأظافره ويضغط بشدة، وسينتهي كل شيء في ثوانٍ.
وبسرعة امتدت يدها نحو مقبس كهربائي، وبحركة عصبية خاطفة، نزعت منه رأس خيط، فانقطع التيار وساد الظلام شاشة الحاسوب.
ملحوظة: اللوحة من إنجاز ابني هيثم