
ذ الخليل القدميري
عالم الصمت وعالم الكلام يناقض أحدهما الآخر. الكلام نقيض للصوت، لكن، فقط، كجانبه الآخر المعاكس للصمت وليس كعدو. يتمكن المرء من سماع الصوت وهو يَرِنّ خلال الكلام، ليصبح هذا الأخير في الواقع صدى للصمت. والصمت توقف آني للصخب، فليس هناك صمت محدد ولغة محددة، لكن كلمات قد قيلت وكلمات لم تُنطق بعد، كأدوات لم تستخدم، بل لا زالت في الانتظار.
نعيش في عالم أصبح الصمت فيه عملة نادرة، لقد ولى زمن كان فيه العلماء يؤكدون على أهمية الصمت بالنسبة لطالبي المعرفة في مراحلهم الأولى، وحل مكانه الصخب والضوضاء والتلوث السمعي والبصري في وسائل الإعلام والتواصل بمختلف مشاربها، حتى يشرف المرء على الاختناق قبل أن يألف العيش في مستنقع طافح بالهجين من المعاني والرخيص من الصور والغث من المعارف والمبتذل من المظاهر الباذخة الفاقدة للذوق والمغزى….