ذ : إدريس حيدر
راودني الشك و تساءلت :
” هل وُفِقْتُ في الجواب ؟…”
تجاهلت تداعيات أفكاري السوداوية ،و حسمت الأمر:
” و ما جدوى هذا الخوف و القلق ؟ فأنا لن أخسر شيئا !”.
تعاملت مع باقي المواد بنفس الكيفية .
و بعد اجتيازي للامتحان ،أحسست بالرغبة في الخروج من المنزل و التنزه و كذا الذهاب إلى الحمام …
كنت و كأنني شخص آخر بُعِثت من جديد . أقضي اليوم كله سعيدا ،أدندن طيلة الوقت بأغاني كنت أعشقها و أحفظها .
شعرت فعلا بالحياة تدب في دمي و عروقي. و هكذا أقبلت عليها بجنون و كأنني أود استدراك ما فاتني.
و كم كانت سعادتي كبيرة و لا توصف ،عندما علمت من خلال بعض تلامذة الحي أنني نجحت في امتحان الباكلوريا.
أقام لي جيراني احتفالا صغيرا بمناسبة هذا الحدث ” السعيد ” ، و أدركت من خلال هذه الالتفاتة الإنسانية النبيلة ،أن الجميع كان يعلم بمعاناتي.
في البداية ،ترددت بعض الشيء في اختيار المسار الأكاديمي الذي أود متابعته ،فتارة كنت اميل إلى الانتساب إلى كلية الآداب( شعبة الفلسفة ) و أخرى إلى كلية الحقوق( شعبة القانون الخاص) .
و لأسباب عدة و بعد مناقشات مستفيضة مع بعض العارفين ،اخترت الأخيرة ،و انطلقت كالسهم لا الوي ،و حققت نجاحات مبهرة و شعرت و كأنني في حلم.
حصلت على الإجازة بميزة حسن .
انا الآن في مفترق الطرق ، و لازالت بقايا سلبيات الماضي تنتابني بين الفينة و الأخرى، و هكذا انوي ،تارة ،الانتساب إلى مهنة المحاماة أو القضاء و المشاركة في تحقيق العدل على هذه الأرض، و أخرى أفكر في إتمام دراستي و مناقشة الدكتوراه، و الانتساب بعد ذلك إلى سلك التعليم العالي بغية المشاركة في تنوير عقول الطلبة و إعدادهم للمستقبل.
إنني حائر بعض الشيء ،و لكنني لن أترك هذه المرة للتردد و الخوف فرصة الانقضاض علي .
أجل نسيت معاناتي ،مكابدتي و انتكاساتي ،انا الآن كائن جديد يحلق عاليا في ملكوت العلم.
الرباط ،ذات يوم و سنة
عبد العالي الزعري.
* ملحوظة :
أصبح د.عبد العالي الزعري من فقهاء القانون الجنائي ،
و متعاقدا مع إحدى الكليات و خبيرا دوليا في اختصاصه.