الخصام و الفراق على أركان الصداقة..!

3 سبتمبر 2024

ذ. حميد الجوهري : 

هو موضوع مؤلم بعض الشيء، و ليس من السهل طرحه، فالنفس ميالة للانفلات من الحساب، تمضي بنا بين دروب الخطأ دون اكتراث بالغير، و هو لعمري عين الكبر، فمهما ادعينا التواضع و التسامح، إلا أن بعض الخصال السيئة، تضل حاسمة في علاقاتنا الاجتماعية، فكثيرا ما نسبب الألم في عشرتنا، ثم نتطهر باللامبالات و التناسي، واثقين من خطواتنا النرجسية، نسعى في الأرض إلى مجد متوهم، أو مركز اجتماعي متميز، لنقول للناس: هاكموا قوتي، فأنا فارس من فرسان الذكاء و الحكمة و النجاح..!
و كم من خصومة خضنا لجها من غير سبب، عندما رأينا بطموحاتنا أن أثرها ” لبنة” من لبنات ما نرجوه في “عوالمنا” من مكانة، و كم من صديق فارقناه على أثر ذلك، من غير ندم و لا حساب، مع أن العزة في الصداقة لا في غيرها، و أن ميزان الصلاح في الوفاء لا في الخيانة، حتى إذا تبخرت مطامعنا عدنا لا نلوي على شيء، و لم نجد شيئا يملؤ طواءنا غير الهجران، و هل يستطيع الإنسان غير الاجتماع، فمع من نسلك دروب الحياة إن لم يكن بين الأصدقاء..!
يحلو لنا كمسلمين أن نعتز بصداقة ثاني اثنين، إذ هما في مسلك الدعوة، أعطيا مثلا مقدسا في جدوى الصداقة، حتى غدت تصديقا من غير تعتعة، صلى الله على نبينا و رضي الله على الصَدِيق الصٌِدِّيق، هذه الصداقة مثالية، لا مجال فيها للخذلان أو الكبر أو الاستعمال المادي الضيق، أخلاق منبعها رباني خالص، و هي من مكارم الأخلاق..
و عندما نعود إلى أنفسنا و نتذكر بعض المسارات، نشعر بالضيق و الندم على خطوات سيئة أمضيناها في بعض المجاميع، و لم نعر فيها أي اهتمام لمكاسب الصداقة، عميقة كانت أو عابرة، و رجحنا النظر إلى ما نرجوه من مكاسب لنا أو لغيرنا، نؤلم و لا نبالي، و لا ننظر إلى أثر عفسنا، تماما كحركة عامل البناء مع اللبنات المتساقطة، نكتفي بما تحمله أيدينا من تملق المتملقين، و سحر النجاحات المتوهمة، حتى إذا نلنا ما ناله غيرنا من تهافت، لم نجد سندا و لا معزيا، و غدونا نتفقد أنديتنا القديمة علنا نظفر بالصديق القديم..!

هو كذلك إخوتي، هذا هو واقعنا، فمن له صديق عتيق قديم صادق، عليه أن يعض عليه بالنواجذ، لا يخذله و لا يستعمله، إلا في خير مشترك، و نجاح مشترك، و إلا فلا يرجى خير في نجاح على ظهر صديق متألم مخذول..!
و السلام على الصداقة الصادقة، يوم ولدت و رَبَت، و على ذكرها و حكمتها.

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading