يشهد المغرب صيفا حارا جدا و ذلك على مستويين :
1 – الوضع الصحي المتدهور بسبب وباء ” كوفيد 19″ الذي لازال مستمرا في الفتك بأرواح مئات المواطنين ، و ينتظر – حسب المختصين – أن تكون الأيام المقبلة أكثر صعوبة.
2- الاستحقاقات الانتخابية التي ستجري اطوارها يوم : 08|09|2021.
فبخصوص الموضوع الثاني و المتعلق بالانتخابات ، يلاحظ أن الحملة الانتخابية السابقة لأوانها قد انطلقت مع ما يرافقها من استعمال المال الحرام ، و تَصَيُّدِ الأعيان و الاستعانة بهم و ترحال للمرشحين لا يتوقف بين ما اصطلح عليه ب” الأحزاب المغربية”.
و من المعلوم ، أن الانتخابات في الدول المتقدمة ، تعتبر عرسا للديمقراطية و حرية الاختيار ،حيث تُناقش البرامج الحزبية ، و تقدم هذه الأخيرة حصيلة إنجازاتها خلال الفترة المنتهية ، و تُطْرح البدائل …الخ ،كل ذلك باحترام تام للقانون و للمقتضيات الدستورية و للأطراف المنخرطة في العملية : الانتخابية و السياسية.
فضلا عن ذلك فقد تشهد الحملة اصطفافا سياسيا و إيديولوجيا و بالتالي يصبح الحقل السياسي معقلنا.
غير أن أهم ما يميز الاستعدادات الانتخابية الجارية و المناقشات القبلية لاستحقاقات: 08|09|2021 ،هي :
*حركة ترحال كبيرة بين الأحزاب من دون مبرر سياسي أو عقائدي ،فقط من أجل الحصول على التزكية للترشح للانتخابات ، و أحيانا يتم من طرف مسؤولين حزبيين سابقين و المثال المدوي في هذه الحالة : ترشح الأمين العام السابق لحزب الاستقلال ( و ما ادراك ما حزب الاستقلال) في الحزب الصغير ” جبهة القوى الديمقراطية ” لمؤسسه للمرحوم ” التهامي الخياري” ، و هذا النموذج يطرح أسئلة كبرى على المستوى الأخلاقي و النبل السياسي.
*بحث الأحزاب ” الحثيث” على ما اصْطُلِحَ عليهم ب” الأعيان” من أجل تحمل نفقات الحملات الانتخابية : إرشاء المواطنين و استقطابهم للتصويت عليهم و على حزبهم.
– تكريس ” الأحزاب الوطنية” نفسها : حزب الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي ،لعمليات الاستعانة ب “أصحاب الشكارة ” في آخر لحظة و بتبويئها مركز وكلاء اللوائح.
*غياب نقاش حقيقي و غني ،حول الإشكالات الكبرى التي تواجه البلاد ك: مستقبل المغرب بعد وباء ” كورونا” ، آراء و وجهات نظر الأحزاب حول النموذج التنموي الجديد ، قراءتها لوضعية حقوق الإنسان المتردية و موقفها منها.
* حضور باهت لليسار إن لم يكن غياب تام و مطلق.
* تواجد المال الحرام بقوة ،و ذلك من خلال إرشاء الناخبين ،و ذلك على مرأى و مسمع من الدولة ، متجاوزة بذلك ما اصطلح عليه ذات مرة ب” الحياد السلبي”.
* عودة ملحوظة للفاسدين و ” بارونات” الانتخابات و “سُرَّاقُ المال العام ” للواجهة الانتخابية برفقة فرق من الدهماء ،السوقى و البلطجية من أجل إرهاب خصومهم.
و بعد ،
لازالت كثير من المظاهر السلبية تلازم و تواكب هذا ” السيرك ” ،كما لازال كثير من تجار الانتخابات و محترفيها من الفاسدين يرقصون رقصات مشبوهة على ركح الانتخابات.
فهل الدولة لازالت ممعنة في صنع خرائطها الانتخابية و السياسية بطرق مختلفة ؟
و هل لازالت ممانعة في إنجاح ورش الديمقراطية ؟
وهل هذه الأخيرة تخيف فرسانها الفاسدين إلى هذا الحد ؟
أسئلة و أخرى سيجيب عليها التاريخ .