على هذه الأرض ما يستحق الحياة *( 02)

29 يونيو 2024

ذ. ادريس حيدر :

من جهة أخرى فإن السيد مدير الثانوية التي كنتُ أعمل بها ، كان قد تقاطع معي في إحدى طوابق المؤسسة ، و همس لي بكثير من الحذر ، بضرورة الالتحاق به في مكتبه لأمر يهمني ، شعرت من خلال طلبه أن شيئا غير سار ينتظرني .
و هناك أبلغني بما يقع في غفلة مني و قال :
” إن الجهات الأمنية المختصة بصدد إعدادها لسيناريو ، هدفه إيقافك و اعتقالك ، بدعوى أنك تحرض التلاميذ على اعتناق المذهب الاشتراكي ، كما تدعوهم للإلحاد و التخلي عن الدين الإسلامي ”
و أضاف :
” و لقد طُلِبَ مني أن أُعِدَّ تقريرا بهذا المعنى ، إلا أنني رفضتُ بشكل قطعي و مطلق ، مؤكدا على أنه قدم شهادته و التي مفادها أنك من خيرة أبناء هذا الوطن تضحية و عطاء و إخلاصا له ”
و نبهني قائلا :
” هذه الجهات لن تكل و لن تمل ، و ستلجأ إلى :” جمعية آباء التلاميذ ” قصد استعدائها عليك و إقحامها في هذا المخطط المقيت و البئيس .
و إذن كن حذرا …”
لم يمض على هذا اللقاء إلا يومين ، حتى تم اعتقالي و محاكمتي و إدانتي و طردي من العمل كثلة من رجال التعليم المناضلين ،الوطنيين و المخلصين .
و لن أنسى كيف أنه استقبلني بحفاوة في رحاب المؤسسة التي كان يرأسها و يديرها عندما قضيتُ العقوبة السجنية التي حُكِمتُ بها .
و بنفس الحفاوة و الفرح استقبلني مرة أخرى في نفس المؤسسة بعد قرار الملك بإعادة المطرودين لعملهم ، حيث كان انتصاراً للنضال المشهود الذي خاضته القوى التي تنشد التغيير في هذا الوطن، بتحالف مع القوى الديمقراطية في العالم .
و كان قد رفض تسليمي قرار الطرد من أسلاك الوظيفة العمومية ، بل سلمه لي الناظر العام في غير ذلك اليوم .

يتبع …

  • مطلع لإحدى قصائد الشاعر الفلسطيني :
    ” محمود درويش “.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading