
. ادريس حيدر
سألته ذات مرة ، عقب ظهور الآليات الإلكترونية المتقدمة و تأثيرها الإيجابي في عالم التصوير ، عن مدى مردوديتها من حيث السرعة في الإنجاز و روعة الإلوان و ربح الوقت و إرضاء الزبون .
فأكد لي أن التصوير الفوتوغرافي ليس عملية ميكانيكية ، الهدف منها الحصول على ربح كثير و سريع ، بل هي خلق و إبداع ، و بالتالي فهي لحظة مخاض من أجل إنتاج عمل و تقديمه للرائي في غاية الجمال و البهاء ، بحيث يريح العين و يرقى بالذوق العام و يهذبه .
هكذا تكلم : “الحاج محمد بنونة ” مصور المدينة و ذاكرتها الحية .
و بهذا المعنىً، فقد حَوَّلَ الأستوديو الذي كان محرابه الذي يؤدي فيه صلاة الإبداع إلى ملاذ لكل ساكنة المدينةً، بل أصبح فضاء للعرض الدائمً لصور محملةً بالدلالات و المعاني و الخلفيات .
كان محترفه بمثابة تلك ” الكوة” التي تهب من خلالها نسائم الحداثة .
لقد انزوى الرجل و اختفى عن الأنظار في الفترة الأخيرة ، و كأنه يحتج على ” القبح” الذي لوث فضاء الحاضرة .
ترجل :” الحاج محمد بنونة “إذن ، في هدوء و في غفلة من الجميع ، تاركا وراءه إرثا لاماديا غنيا . وَجَبَ على المهتمين و الغيورين من أبناء المدينة و بتنسيق مع أفراد أسرته النبش في هذه الثروة و الانكباب عليها ، في محاولة لتسليط الضوء على المدينة و تاريخها المجيد .
لروح الفقيد الطمأنينة و السلام و لأفراد أسرته الصبر الجميل .