إشراقة… شموخ…

16 سبتمبر 2023
fbt

ذ. ادريس حيدر

لعل الجميع يتفق على أن المغاربة أذهلوا العالم ، بتلاحمهم و تضامنهم الاستثنائي مع ضحايا زلزال :” الحوز” ، و قد تناقلت المحطات التلفزية العالمية لقطات من تلك ” الهبة ” ، سواء للمتطوعين وسط حطام و ركام الأبنية، أو أولئك الذين نظموا قوافل المؤونة المتعددة و المتنوعة و التي شقت طريقها ب” جلالة ” إلى المواقع التي ضربها الزلزال.
كما أن الشعب المغربي أصبح مثالا يُحْتَذى لكل شعوب الأرض في : الصبر ، التضامن ، التلاحم و التآزر في الشدائد…


مناسبة هذا الاستهلال ، هو محاولتي رصد حركة شباب حيوي ، في مدينة عتيقة ، منسية ، و مهمشة ، أ لا و هي : مدينة القصر الكبير .
فقد تطوع ثلة منهم غداة الزلزال ، إلى نقل المؤونة و العدة إلى الجهة المنكوبة ، و كانت تلك هي المحاولة الأولى، ثم تلتها محاولات أخرى أكثر تنظيما .
و لعلم الجميع ، فهؤلاء الشباب لا يتوقفون على القيام بمثل هذه المبادرات ، فقد نظموا كذلك رحلات من نفس النوع و محفوفة بالمخاطر ، عندما هبوا مصحوبين بالإعانات إلى تلال و جبال منطقة ” جبالة ” ، عندما اشتعلت النيران هناك و انت على الأخضر و اليابس.


كذلك عُرِف البعض منهم ، و هو يقدم خدمات و مساعدات للأشخاص المسنين ، المهمشين ، المهانين، العُزَّل ، في إطار جمعية :
” جميعا ، من أجل فك العزلة عن المسنين ” .
و قد أنجزوا عمليات إنسانية رفيعة ، حيث كانوا يبحثون عن الكهول في الاكواخ، المرائب ، الخلاء ، متسخين و جوعى ، و برازهم في اسمالهم ، محاطون بالازبال و أحيانا بأنواع مختلفة من القوارض كالفئران.
فمن هم هؤلاء الشباب يا ترى ؟


إنهم أبناء عائلات بسيطة من الشعب ، و منهم من لم تسمح له الفرصة لإتمام دراسته لفقره و عوزه أو لظروف خارجة عن إرادته ، يمتهن البعض منهم اعمال بسيطة فضلا عن ذلك فاغلبهم متزوج وله أبناء.
لا خلفية سياسية تقيدهم و تكبلهم ، كما أن أغلبهم لا ينتسب لأحزاب شاخت و ماتت أو لأخرى كرتونية تقتات من الريع و الفساد .
ولاءهم و حبهم للوطن و الإنسان .
هم ملائكة الرحمة عند الشدائد.
يؤدون هذه المهام الصعبة بإيمان قوي و روح مرحة تصاحبها قفاشات تهون وقع الإكراهات عليهم.
لا يتطاوسون أو يحللون بتعال : البنيات المجتمعية و الخطط التشغيلية و التكتيك و الاستراتيجية و التناقض الرئيسي و الثانوي و خطط المرحلة في صالونات و حانات عند السكر و الثمالة .


و بهذه المناسبة و لإعطاء القدوة للأجيال المقبلة و تكريس القيم الفضلى في المجتمع ، أهيب بالمجتمع المدني في إطار جمعياته أن تقيم تكريما لهؤلاء الابطال ، و سيكون ذلك اعتراف بذوي الفضل و احتفاء بإنجازاتهم الرائعة.
إن هؤلاء الشباب الشامخ ، نسخة جديدة من شباب هذا الوطن أفرزها المجتمع بعيدا عن التنظيمات السياسية ، و هذه رسالة محملة بكثير من الدلالات .
و بالرغم من وضعهم الاقتصاي الصعب و انسداد الآفاق امامهم ، فحب وطنهم يغلي في عروقهم ، و كأني بهم يقولون و يرددون :

بلادي و إن جارت علي عزيزة
و أهلي و إن ضنوا علي كرام

فتحية إكبار لهذا الشباب الشامخ.

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading