
حميد الجوهري
انطلقت عبر ربوع مملكتنا العظيمة، قوافل تضامنية غير مسبوقة، توجهت صوب إخواننا بالحوز و سوس، ممن أصابتهم مصيبة الزلزال، الصور كانت مبهرة و لله الحمد على نعمه..، ساعدت هذه الموجات التضامنية بلادنا في الحفاظ على التدبير السيادي لهذه الكارثة، و ما زلزال سوريا عنا ببعيد، حيث خضعت الدولة المفتتة هناك لأجندات غير منسجمة لدول تدعي المساعدة المشروطة، و الضحية كان هو المواطن السوري المتضرر، و الذي لازال يعيش محنة آثار الزلزال لحد الآن..!
هبت معاول البناء في بلادنا بشكل جمعي، من أعلى قيادته المتمثلة في جلالة الملك، و الذي أعطى بتبرعه بالدم الدليل على أنه يفدي شعبه بصحته، و يتعدهم برعايته، ثم من هذا الشعب الفدائي المجند لخدمة الوطن، الذي لم يملك الحسن الثاني رحمه الله إلا أن يصفه بالجيش الموحد، حينما سؤل ذات يوم عن قوام جيشه، فقال: إن شعبه كله جنود..؛
هبت هذه المعاول لتنجز واجب التضامن رغم زمن العسرة، و تكتب التاريخ موثقا، سيكون زادا لأجيال مقبلة، تستقي منه عناصر الوطنية و الوحدة و التضامن، لتبني مغرب المستقبل، مغرب التنمية الحقيقية، مغرب ثقافة الواجب، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر المواطنين..
و لم تتح هذه الملحمة الوطنية أي مجال للذين يصطادون في المياه العكرة، و انزوت خطاباتهم السوداء في زوايا ضيقة، لأن الوقت وقت بناء، و لا مجال لمعاول الهدم، حيث هي معاول هدم فعلا..
ولا يعني هذا أبدا السكوت على النواقص، فهذه الأخيرة جلية وواضحة، و التقصير واقع لا يرتفع، و هو بنيوي، و مجال مناقشته مفتوح مشرع أبوابه، في مسار التنمية المنشودة ؛
و الدروس المستخلصة من آثار الزلزال كبيرة، تدعو بلادنا للقطع مع وضعية التهميش في مسارات التنمية..، غير أننا نتكلم عن الزمن المتاح لمثل هذا الحديث، و هو بالطبع لا يتناسب و زمن عبادة الصدقات الجماعية..