محمد أكرم الغرباوي
زائر مدينة القصر الكبير و ساكنها الجديد . تثيره عدد صوامع و مآذن و زوايا و أضرحة المدينة . لكل حي مسجد أوأكثر .” الحمد لله على نعمة الإسلام ” مسجد الحي ليس للصلاة فقط . وقد لايكون لأداء صلاة الجمعة و الأعياد ، به أجنحة خاصة للنساء بمدخل خاص و ستار غير مكشوف .
على ركنه أو بجانب كانت أمكنة خاصة لتحفيظ القرآن الكريم ، وأحيانا يكون باب صغير يؤدي إلى قاعة كبيرة او طابق علوي أو فضاء بمثابة ( مسيد ) يسهر عليها فقهاء أجلاء نالو من الحفظ و القواعد و المقامات الشأن العظيم . تعددت أسماء فقهاء تلقين القران الكريم بمدينتي ، وصار يصعب حصر أسماؤهم . بإعتبار المدينة مدينة أهل القرآن و رافذا رفيعا لأهل الذكر والحفظ . تنافس الحفظة و المرتلون على التتويج واعتلاء مقام ” سلطان الطلبة ” . كانت مسابقة القرآن الكريم بشهر رمضان الفضيل محطة سنوية للعناية وتكريم أهل القرآن و الفقهاء و العلماء و حفاظ المسيد . كانت البدايات لمن توجهم صاحب الجلالة في مسابقة تحمل إسمه وعنايته حفظه الله . وآخرون نالو الجوائز و المراتب العليا بالمشرق و العالم .
يوم الجمعة بمدينتي كان مميزا بالعلم الأزرق بدل الأبيض فوق الصوامع . [ عادة افتقدناها و اعدمت إذ كانت ترفع أعلام بيضاء فوق الصوامع التي تصلى بها صلاة الجمعة . و يتم تغييرها عشاء الخميس بعلم أزرق إعلانا بيوم الجمعة . و تتغير بعد صلاة الجمعة . ]
كان المصلون يختارون مساجد حيهم و إعمارها . بداية من قراءة الحزب الجماعي بصوت جهور و مقام مغربي موحد . و الدعاء الناصري ببعض المساجد. ثم الإستماع لخطبة الجمعة بصوت خطيب هو مثال وقدوة وصلاح وصلح الأهالي بالحي . و هناك من يترجل صوب مساجد غير مساجد حيهم ومكان سكناهم، حيت مساجد عرفت واشتهرت بخطباءها الأجلاء الكرام أيضا. كان لكل منهم حلق ، وخلق ، و رسالة و توجيه و موعظة و أثر و تأثير …
– المسجد الأعظم الفسيح و إمام المدينة خطيب الجمعة و العيدين بمصلى المدينة .الفاضل رحمه الله الشيخ و العالم الجليل سيدي عبد السلام نخشى رحمات الله عليه ، و بعده الحاج عبد اللطيف المراكشي حيت الصوت والنبرة و المقام المغربي الأصيل و الصوت و الحرف و النقط السليم القويم و الموعظة النافذة .
– مسجد الفتح الذي عرف بمسجد الحاج سي البشير اليونسي عافاه الله و أطال في عمره كانت تثيرنا ونحن صغار مرات أفواج المصلين الأجانب . فنسمع أحيانا ” ايها المؤمنون الحمد لله لقد من الله على السيد او السيدة .. من دولة … او من أصول … بالإسلام . فلنسمع النقط بالشهادة . ” يهلل الجميع بالحمد و التكبير … كان المشهد غريبا و رهيبا ظل عالقا للآن . بنفس التنفس و رحلة التفكير . هذا المسجد الذي اعتلى منبره الفاضل الحاج التفاحي الذي واصل بخطبه حيت الدعوة و النصح و النيل من سير الاسلام .
– مسجد الرجاء في الله بالمرينة و رسائل الفاضل الإمام الحاج أحمد شقور رحمه الله ٠ كان مركزا ومحطة للفصاحة و درسا للتحليل و التفسير و الغوص في معاني و أسرار الدين الحنيف .كذا هو الحال
– بمسجد وادي المخازن و الإمام الشيخ العلامة سيدي أحمد الجباري هذا الرجل النوراني رحمه الله الذي علمنا الأدب و التأدب و الخلق القويم وجالسنا نحن الصغار جلسة الكبار بحي أخته الشريفة لالة لطيفة الجباري رحمات الله عليها ، وصهره الشريف سيدي عبد السلام الجباري رحمه الله عليه اللذان فتحا لنا أبواب بيتها للدرس و الإحتفال و الإنشاد ( فرقة الإشراق )
– مسجد (البلاصة ) الذي تميز لسنوات بصوت آذانه الرخيم . و خطبة العلامة الشيخ سيدي مصطفى شتوان ” با شتوان ” الذي علم المتعلمين بإعدادية المنصور الذهبي طرائق الإستقامة و النجاح و التفوق ، وجعل الناس تلتف حوله بأفراحها و أحزانها داعيا نصوحا ، وما قدمه ولايزال في تطوع طوال رمضان وغيره من دروس محبة الرسول عليه السلام و سيرته الغراء .
كذلك كان ولايزال مسجد النور و السلام بالمعسكر القديم . ومسجد الفرقان وعمر بن الخطاب أخيرا وغيرها تكاثرت المساجد و الأئمة الفضلاء مع الأستاذ الحراق وبوغابة حفظه الله . و الفاضل الإمام الأستاذ سيدي عبد السلام العسري . و العلامة الدكتور أحمد بنكيران …
هكذا عرفت المدينة بخطباءها الأفاضل وقدرتهم الكبيرة على التوغل في القلوب و العقول بإعتدال و رحمة . لم يكن من السهل أن تكون خطيبا بمدينة العلماء و الفقهاء و الأولياء و الشعراء و المثقفين ، إذ لم تكن الخطابة لصيقة منبر أو علو . كنا نستلهم الدرس و الفكر والتوازن من دروسهم القيمة وندواتهم و إنفتاحهم .
كان الدرس الديني بمدينة عامرة بالأولياء و الشرفاء درسا من أمهات الكتب لبناء مغرب الإتزان و الإعتدال و الحفاظ على الهوية و الأصالة . وإبقاء المدينة بطابعها الشريف الأصيل .
من هذه البقعة الصغيرة الطاهرة ( المسيد) تخرج الحفظة و حلقت عاليا أسماؤهم في أماكن و بقاع كبيرة و مبهرة .
سلام عليكم أهل القران محفظيه وحافظيه ،
عبد الله الشتيوي رحمه الله و الصمدي و البراق ، و القراء الحفظة سي محمد الجعادي ذ محمد الشاعر . د عبد الرزاق بنعتو . ذ نوفل السليماني . د عبد الله السليماني . د منير السرحاني و محمد الرماني . شمس الدين المنصوري … .
و الاستاذ العلامة المتزن الورع سيدي فريد بلعشور من وجهنا الى المعرفة و التوازن .
الى جانب الحافظات الكريمات الشريفات .
من ذكرهم القاص القصري الاستاذ جمال عتو Jamal Attou في يوميات سلسلة دعاة و أئمة
سلام عليكم أهل المنابر صوتا جهورا طهورا . وجزى الله كل صوت خير جزاء
محمد أكرم الغرباوي
باحث في الفنون التعبيرية
كاتب و مخرج مسرحي