د. أبو الخير الناصري
أكرمني أستاذي الأعز الشريف الفاضل الكريم سيدي محمد العربي العسري، حفظه الله وأكرمه، بهدية علمية جديدة هي كتابه الأخير “حديث عن مكتبات القصر الكبير بين الماضي والحاضر” الذي أفرده للتأريخ لجانب من جوانب الحركة الثقافية بالقصر الكبير يتمثل في مكتباتها التي أسهمت في توفير الكتاب الثقافي للنخبة المثقفة وشداة الأدب والفكر بالمدينة منذ أواسط خمسينيات القرن العشرين حتى اليوم.
في هذا الإطار نتعرف مكتبات لم يعد لها وجود في القصر كمكتبة أحمد الخمار الكنوني (جد الشاعر محمد الخمار الكنوني) بقيسارية العطارين، ومكتبة الشريف سيدي أحمدالوزاني بساحة السويقة، والمكتبة الجديدة للأستاذ محمد العياشي الحمدوني بساحة مولاي المهدي، ومكتبة الأمل للسيد عبد القادر الغرابلي في الواجهة الخلفية للسوق المركزي الحالي…
كما نتعرف مكتبات أخرى ما زالت تقاوم وتجاهد للقبض على جمرة الثقافة في زمن التجارة والتهافت على التفاهات التي تدر مالا وفيرا، ومن أبرز هذه المكتبات الصامدة مكتبة العزيز الغالي سيدي محمد العربي العسري التي لا يقتصر دورها على توفير الكتاب الثقافي فحسب، ولكنها مجمع للأدباء والعلماء من أصدقاء العسري وإخوانه ومحبيه، فيها يلتقون ويتجاذبون أطراف الحديث في موضوعات متعددة.
ولقد كان لي شرف زيارة هذه المكتبة العسرية مرات لا يحصيها العد، وكانت وصاحبها مقصدي وزادي الأكبر في إعدادي لبحثي لنيل الماستر في موضوع “التراجم القصرية المعاصرة: أعلامها ومقاصدها”. في رحابها أكرمني سيدي محمد العربي العسري بغزير علمه في الموضوع، وأمدني بالنادر من المخطوطات والوثائق المتصله به، وفيها جلست إلى الأعزاء الفضلاء الأساتذة محمد أخريف حفظه الله وأكرمه، ومصطفى الطريبق رزقه الله الشفاء وبارك له في صحته، وعبد السلام القيسي رحمه الله، ومحمد بن عبد الرحمن بن خليفة رحمه الله تعالى..واستفدت من علمهم في موضوع تراجم الأعلام بالقصر الكبير، ومنهم من أمدني بوثائق وتراجم أسهمت في إغناء بحثي إسهاما كبيرا…
والواقع أن فضل الشريف العسري ومكتبته علي لا يقف عند حدود إنجازي لبحث الماستر، ولكني غنمت فيها ساعات من مجالسة العزيز العسري، ومحادثته، والاغتراف من علمه بالأدب وفنونه، كما لقيت فيها نخبة من أعلام الحركة الثقافية بالقصر الكبير، وشكلت تلك اللقاءاتُ فاتحة لباب الصداقة بالكثيرين. وممن لقيتهم في رحابها – إضافة إلى من ذكر أعلاه – السادة الفضلاء الأساتذة: الشاعر والمترجم عبد الرحمن الشاوش، والشاعر الطيب المحمدي، والباحث محمد اليملاحي، المترجم مصطفى الدامون، والمفكر محمد المصباحي، والباحث خليل المودن، والباحث والمترجم محمد يعلى، والشاعر أحمد الطود، والشاعر محمد الصادق الشاوي، والشاعر جعفر الناصري، والقاص مصطفى كمال الناصري، والشاعرة نفيسة الناصري، والشاعر أنس الفيلالي، والشاعرة أمل الطريبق، والصحافي والسياسي محمد أبو الوفاء رحمه الله، والسياسي حسن الشتوكي…وآخرين كثيرين.
أفضالُ مكتبة الشريف العسري عليّ كثيرة لا يكفي هذا “الحيز الفيسبوكي” لاستقصائها، وإنما أشرت إلى بعضها تحية وتقديرا لأستاذي الأعز سيدي محمد العربي العسري، ووفاءً له، واعترافا بفضله وفضل مكتبته علي، واستطرادا إلى ما يتعلق بموضوع من موضوعات الكتاب الجديد الذي سعدتُ كل السعادة باستلامه هدية ثمينة عزيزة على القلب. وقد أعجبني كل الإعجاب وأغرقني في بحر الفرح أن الشريف العسري اختار صورة لواجهة كتابه يظهر فيها من اليمين السادة الأساتذة: محمد أخريف، وأبو الخير الناصري، ومحمد العربي العسري، ومصطفى الطريبق، وأبو بكر بوسلهام رحمه الله. هي صورة توثق جلسة من جلسات الأدب والعلم واللطف والإنسانية والمحبة في رحاب مكتبة رجل أجمعت القلوب على حبه لعلمه وأدبه وقلبه الكبير الذي يفيض محبة ونبلا.
شكرا جزيلا أستاذي العزيز الفاضل سيدي محمد العربي العسري، وحفظك الله تعالى، وأكرمك، وبارك لك في صحتك.
مع خالص محبتي وتقديري
أبو الخير الناصري
أصيلا في 19من غشت 2023م.
