“ما بين القراءة والكتابة” -محض أغلال من حرير

3 أغسطس 2023

ذ. الخليل القدميري
غامرت بامتطاء صهوة الكتابة بعدما أدمنت على قراءة أي شيء مكتوب أعثر عليه. أقرأ بلغتي العربية وباللغتين الإسبانية والفرنسية. آليت على نفسي أن لا أتقيد بمادة معينة ولا بموضوع بعينه. كل المواضيع بالنسبة لي صالحة للقراءة وتنطوي على فائدة ما، أدبية كانت أم تاريخية أم علمية أم فلسفية…وكلما أقبلت على القراءة ازداد عشقي لها، وإدماني على اقتناء الكتب والمجلات.. ، فاتسعت دائرة اهتماماتي دون التقيد بجنس أدبي معين ولا بقواعد صارمة قد تبعدني عن بلوغ هدفي في إدراك متعة الإبداع.
وفي معرض سعيي للبحث عن موضوع للكتابة تراودني الرغبة في الخروج من ذاتي لتصوير ما قد تجود به علي اللحظة من أوهام وتأويلات لما تمور به الحياة في مختلف مواقفها وأوضاعها، في الحلم وفي اليقظة، وفيما بينهما من فضاءات يجنح الذهن فيها إلى إدراك نوع من التجانس بين الأشياء والأحداث والأماكن والأزمنة.
في لحظة تأمل وتفكّر قد تتوحد الأشياء والمواقف والموضوعات لتصبح كلاً واحداً مرتبطاً، وقد تبدأ في انفصال تدريجي لتنجلي كل التفاصيل الدقيقة، شكلاً ومضموناً، راسمة صوراً لامتناهية للجمال والروعة والانسجام، تاركة فسحة للتملي بمتعة بصرية لا تبعثها في النفوس سوى التحف الفنية الخالدة.
شعرت بعد تسطير هذه الكلمات كما لو أزحت عني صخرة هائلة، كادت أن تكتم أنفاسي، وتحول بيني وبين تذوق المفعول السحري للحظة ما بعد التأمل والتحليق في فضاء بلا حدود ولا طابوهات.
لقد استعادت يدي قدرتها على الكتابة، وعاد إلي حقي في الحلم والغوص في مخزون اللاوعي، فسبحت في لجة من الذكريات، كانت سجينة بلا قيود وسفينة بلا أشرعة، ورحلة بلا بوصلة.
أدركت حينها أن التعبير بالكتابة ما هو إلا رسماً بالكلمات واللا كلمات، وأن العراقيل والعقبات كانت محض أغلال من حرير نُسجت في خفاء مجهول.
الرباط 31 يوليوز 2023.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading