د .محمد البدوي
فيݣيسن صاحب النية يفوز بالبطولة الوطنية لكرة اليد صغيرات
كنت أتابع البطولة المدرسية ، كما كنت أتابع مباريات المنتخب الوطني المغربي في قطر ، ليس بنفس الدرجة طبعا ، ولكن باهتمام كبير ، ولست من هواة ومحبي كرة اليد ، ولكنه فقط حبي المفرط لمؤسستي وكل ما من شأنه أن يرفع قيمتها ، ويعلي من رصيدها سواء في الرياضة أو الثقافة والفن ، أو في التحصيل الدراسي، وليست سنة 2020 عنا ببعيد، أذ حصدنا الرتبة الأولى وطنيا في تخصص العلوم الشرعية مسلك التعليم الأصيل .
أما الاعتبار الثاني هو مكانة الاستاذ القدير والصديق الوفي سيدي محمد فيݣيسن ، الذي عرفته وخبرت معدنه وطينته ما يزيد العقد من الزمن ، ثلاث عشرة سنة اشتغلت معه جنبا إلى جنب ، كنا نشترك في اسم التربية ، والحقيقة أن هذا الرجل رجل تربية بامتياز، إلا أنه متخصص في التربية البدنية ، أما أنا فكانت من نصيبي التربية الإسلامية، وكلا المادتين متفردتين ومتميزتين ، ولهما مكانة خاصة في قلوب المتعلمين ، طبعا إن كان المدرس في مقام المربي الفاضل سيدي محمد فيݣيسن.
تعرفت عليه وكان قد قضى في قلعتنا المباركة ما يزيد عن العشرين سنة ، وها هو اليوم يتجاوز في تجربته المهنية المتميزة ثلاث وثلاثين سنة ، هذه المدة لوحدها كافية أن تجعل منه بطلا أسطوريا ، هذا الرجل يستحق أن نسمي القاعة المغطاة باسمه ، أو على الأقل ملعب من ملاعب القرب تقديرا له وتكريما له ، ولو كنت أملك من القرار شيئا لجهزت ملعبا في قلب ثانويتنا ولأسميته باسمه .
ولكن هيهات هيهات ، تبقى صيحة في واد ونفخة في رماد ، أحيانا لا يعبأ بالمعلم والمربي ، لأنه يعتبر الحلقة الصغيرة ، لا يهتمون بالمدرس من أمثال السيد فيݣيسن ، وكنت شاهدا في إحدى السنوات العجاف التي كان يبلي فيها البلاء الحسن ، ليصل بفريق الإناث الصغيرات المراتب الأولى وطنيا ، ولا يأبه به والقبيح جدا أن الجهة الوصية كانت ، تترك المدرب في وادي المخازن قابعا بين أسوارها القديمة التي تؤرخ للحقبة الإستعمارية الإسبانية ، ويحتفون ويتوجون غيره ، كنت أتحسر على مثل هذه السلوكات ، وكنت أخاف عليه ان يمل ويترك هذا العمل الجبار الذي يقوم به خدمة للتربية البدنية في مؤسستي وفي المدينة كافة ، كنت أخاف أن يتسرب إليه الإحباط في وطن لا يعترف بالكفاءات .
لكنه فيݣيسن الرجل الحديدي ، الرئيس كما يحلو لي ان أسميه ، أناديه دائما مازحا : “أنت الرئيس ديالنا” ، باللسان الدارج ، والحقيقة منه تعلمت ، ولازلت أتعلم رجل حلم وحكمة ، رجل صبر ، رجل متزن.
فارس العمل الجمعوي ، وجمعية الإنبعاث تشهد عليه ، جمعية رائدة في العمل الخيري ، والثقافي والرياضي ، جمعتني بأعضاء مكتب هذه الجمعية مناسبات، فخبرتهم من قريب فألفيتهم رجالا ، أفخر بمعرفتهم لهم الحضوة والمكانة في قلوب أهل هذه المدينة .
حز في قلبي في بداية هذه السنة المنع الذي طال نشاطا كان من تنظيم هذه الجمعية ، نشاطا كان في إطار دعم المقبلين على امتحان ولوج مهن التربية والتكوين، وكان من ضمن المؤطرين صاحبي المفتش التربوي سيدي أحمد العبودي.
تساءلت عن سبب المنع ، فلم أجد جوابا ، وقلت : هذه من أحسن الجمعيات في القصر الكبير ، بشهادة الجميع وحتى المشرفين من الجهات الوصية ، ولو طلب مني الانتساب لجمعية ، لاخترت أن أكون عضوا بسيطا من أعضائها .
بقي الأمر يجثم على صدري ولم يرتاح لي بال ، حتى جاءت فرصة القاء برئيس المجلس البلدي ، وكنت صحبة العزيزين الغاليين الدكتور أنور وصاحبي مؤطر النشاط الذي طاله المنع أحمد العبودي، فتوحهت للرئيس أسائله عن حيثياث وأسباب المنع ، ولم يكن يهمني جوابه ، بقدر ما كنت وصاحبَيَّ بحاجة أن نحمله مسؤولية ما يقع ، وما يمكن أن تتورط فيه السلطة، كانت كلمتنا تجمع على الشجب والاستنكار على السلوك الأرعن ، من بعض المسؤولين في هذه المدينة الذين يساهمون في طمس ما هو جميل ونشر ثقافة البؤس والتضييق على المخالفين حتى ولو كان يحملون مشعل الخير والتنوير .
ها أنا اليوم أبارك لصاحبي الأستاذ محمد فيݣيسن هذا التتويج باللقب الوطني ، الفوز بالبطولة الوطنية لكرة اليد إناث صغيرات أقل من 15 سنة ، أبارك للمدرب المتميز الذي سبق وحصد ألقابا وطنية وجهوية، أبارك له ، وأرجو من الجهات الوصية ان تعيد له الاعتبار ، أصفق له بحرارة حيث صنع المستحيل ، ليرجع لنا في ثانوية وادي المخازن باللقب ويرجع لمدينة القصر الكبير بهذا التتويج، سيرفرف علم مؤسستي التي أنتسب إليها وادي المخازن عاليا ومعه علَم مدينة القصر الكبير .
أنتظر وباقي الأسرة التربوية والإدارية بقلعتنا المباركة التفاتة تليق بفريقنا صاحب المرتبة الأولى وطنيا ، نترقب أن يلتفت أهل الشأن المحلي لهذا الإطار ، ونعيد الاعتبار لكفاءاتنا المحلية.
وقد تعلمنا الدرس وحفظناه ووعيناه من منتخبنا الوطني المغربي وما صنعه في قطر ، تعلما كمغاربة أننا نستطيع، تعلمنا مع وليد الرݣراݣي صاحب النية ، أن النصر قريب ، وسهل ، فقط نحتاج للإرادة والعزيمة والنية ثم النية ثم النية وسير سير سير سير سير……هذا الشعار الخالد الشعار الذي دخل القلوب وعشش في سويداءها .
هكذا نرجو أن تحتفل المديرية الإقليمية بفريقنا وقائد الفريق ، وكذا الأكاديمية، كما أطمح أن يتدخل المجلس البلدي ، ويخصص دعما ماليا يرقى لمستوى هذا الإنجاز التاريخي لبطلاتنا الصغيرات في كرة اليد بقلعتنا المباركة وادي المخازن .
وختاما أبارك لصاحبي وأخي وزميلي الأستاذ الكبير المدرب الرائع سيدي محمد فيݣيسن وطاقمه الرفيع المكون من الأساتذة الأجلاء نور الدين شعو ، وعثمان مبيطل ، وعبد الله السويسي، ولكل الأطر التربوية والإدارية بثانوية وادي المخازن التأهيلية للتعليم الأصيل بالقصر الكبير.
محمد البدوي ليلة الأحد 14 ماي 2023.