أنزلوا الناس منازلهم”

14 مايو 2023

د .محمد البدوي

فيݣيسن صاحب النية يفوز بالبطولة الوطنية لكرة اليد صغيرات
كنت أتابع البطولة المدرسية ، كما كنت أتابع مباريات المنتخب الوطني المغربي في قطر ، ليس بنفس الدرجة طبعا ، ولكن باهتمام كبير ، ولست من هواة ومحبي كرة اليد ، ولكنه فقط حبي المفرط لمؤسستي وكل ما من شأنه أن يرفع قيمتها ، ويعلي من رصيدها سواء في الرياضة أو الثقافة والفن ، أو في التحصيل الدراسي، وليست سنة 2020 عنا ببعيد، أذ حصدنا الرتبة الأولى وطنيا في تخصص العلوم الشرعية مسلك التعليم الأصيل .
أما الاعتبار الثاني هو مكانة الاستاذ القدير والصديق الوفي سيدي محمد فيݣيسن ، الذي عرفته وخبرت معدنه وطينته ما يزيد العقد من الزمن ، ثلاث عشرة سنة اشتغلت معه جنبا إلى جنب ، كنا نشترك في اسم التربية ، والحقيقة أن هذا الرجل رجل تربية بامتياز، إلا أنه متخصص في التربية البدنية ، أما أنا فكانت من نصيبي التربية الإسلامية، وكلا المادتين متفردتين ومتميزتين ، ولهما مكانة خاصة في قلوب المتعلمين ، طبعا إن كان المدرس في مقام المربي الفاضل سيدي محمد فيݣيسن.
تعرفت عليه وكان قد قضى في قلعتنا المباركة ما يزيد عن العشرين سنة ، وها هو اليوم يتجاوز في تجربته المهنية المتميزة ثلاث وثلاثين سنة ، هذه المدة لوحدها كافية أن تجعل منه بطلا أسطوريا ، هذا الرجل يستحق أن نسمي القاعة المغطاة باسمه ، أو على الأقل ملعب من ملاعب القرب تقديرا له وتكريما له ، ولو كنت أملك من القرار شيئا لجهزت ملعبا في قلب ثانويتنا ولأسميته باسمه .
ولكن هيهات هيهات ، تبقى صيحة في واد ونفخة في رماد ، أحيانا لا يعبأ بالمعلم والمربي ، لأنه يعتبر الحلقة الصغيرة ، لا يهتمون بالمدرس من أمثال السيد فيݣيسن ، وكنت شاهدا في إحدى السنوات العجاف التي كان يبلي فيها البلاء الحسن ، ليصل بفريق الإناث الصغيرات المراتب الأولى وطنيا ، ولا يأبه به والقبيح جدا أن الجهة الوصية كانت ، تترك المدرب في وادي المخازن قابعا بين أسوارها القديمة التي تؤرخ للحقبة الإستعمارية الإسبانية ، ويحتفون ويتوجون غيره ، كنت أتحسر على مثل هذه السلوكات ، وكنت أخاف عليه ان يمل ويترك هذا العمل الجبار الذي يقوم به خدمة للتربية البدنية في مؤسستي وفي المدينة كافة ، كنت أخاف أن يتسرب إليه الإحباط في وطن لا يعترف بالكفاءات .
لكنه فيݣيسن الرجل الحديدي ، الرئيس كما يحلو لي ان أسميه ، أناديه دائما مازحا : “أنت الرئيس ديالنا” ، باللسان الدارج ، والحقيقة منه تعلمت ، ولازلت أتعلم رجل حلم وحكمة ، رجل صبر ، رجل متزن.
فارس العمل الجمعوي ، وجمعية الإنبعاث تشهد عليه ، جمعية رائدة في العمل الخيري ، والثقافي والرياضي ، جمعتني بأعضاء مكتب هذه الجمعية مناسبات، فخبرتهم من قريب فألفيتهم رجالا ، أفخر بمعرفتهم لهم الحضوة والمكانة في قلوب أهل هذه المدينة .
حز في قلبي في بداية هذه السنة المنع الذي طال نشاطا كان من تنظيم هذه الجمعية ، نشاطا كان في إطار دعم المقبلين على امتحان ولوج مهن التربية والتكوين، وكان من ضمن المؤطرين صاحبي المفتش التربوي سيدي أحمد العبودي.
تساءلت عن سبب المنع ، فلم أجد جوابا ، وقلت : هذه من أحسن الجمعيات في القصر الكبير ، بشهادة الجميع وحتى المشرفين من الجهات الوصية ، ولو طلب مني الانتساب لجمعية ، لاخترت أن أكون عضوا بسيطا من أعضائها .
بقي الأمر يجثم على صدري ولم يرتاح لي بال ، حتى جاءت فرصة القاء برئيس المجلس البلدي ، وكنت صحبة العزيزين الغاليين الدكتور أنور وصاحبي مؤطر النشاط الذي طاله المنع أحمد العبودي، فتوحهت للرئيس أسائله عن حيثياث وأسباب المنع ، ولم يكن يهمني جوابه ، بقدر ما كنت وصاحبَيَّ بحاجة أن نحمله مسؤولية ما يقع ، وما يمكن أن تتورط فيه السلطة، كانت كلمتنا تجمع على الشجب والاستنكار على السلوك الأرعن ، من بعض المسؤولين في هذه المدينة الذين يساهمون في طمس ما هو جميل ونشر ثقافة البؤس والتضييق على المخالفين حتى ولو كان يحملون مشعل الخير والتنوير .
ها أنا اليوم أبارك لصاحبي الأستاذ محمد فيݣيسن هذا التتويج باللقب الوطني ، الفوز بالبطولة الوطنية لكرة اليد إناث صغيرات أقل من 15 سنة ، أبارك للمدرب المتميز الذي سبق وحصد ألقابا وطنية وجهوية، أبارك له ، وأرجو من الجهات الوصية ان تعيد له الاعتبار ، أصفق له بحرارة حيث صنع المستحيل ، ليرجع لنا في ثانوية وادي المخازن باللقب ويرجع لمدينة القصر الكبير بهذا التتويج، سيرفرف علم مؤسستي التي أنتسب إليها وادي المخازن عاليا ومعه علَم مدينة القصر الكبير .
أنتظر وباقي الأسرة التربوية والإدارية بقلعتنا المباركة التفاتة تليق بفريقنا صاحب المرتبة الأولى وطنيا ، نترقب أن يلتفت أهل الشأن المحلي لهذا الإطار ، ونعيد الاعتبار لكفاءاتنا المحلية.
وقد تعلمنا الدرس وحفظناه ووعيناه من منتخبنا الوطني المغربي وما صنعه في قطر ، تعلما كمغاربة أننا نستطيع، تعلمنا مع وليد الرݣراݣي صاحب النية ، أن النصر قريب ، وسهل ، فقط نحتاج للإرادة والعزيمة والنية ثم النية ثم النية وسير سير سير سير سير……هذا الشعار الخالد الشعار الذي دخل القلوب وعشش في سويداءها .
هكذا نرجو أن تحتفل المديرية الإقليمية بفريقنا وقائد الفريق ، وكذا الأكاديمية، كما أطمح أن يتدخل المجلس البلدي ، ويخصص دعما ماليا يرقى لمستوى هذا الإنجاز التاريخي لبطلاتنا الصغيرات في كرة اليد بقلعتنا المباركة وادي المخازن .
وختاما أبارك لصاحبي وأخي وزميلي الأستاذ الكبير المدرب الرائع سيدي محمد فيݣيسن وطاقمه الرفيع المكون من الأساتذة الأجلاء نور الدين شعو ، وعثمان مبيطل ، وعبد الله السويسي، ولكل الأطر التربوية والإدارية بثانوية وادي المخازن التأهيلية للتعليم الأصيل بالقصر الكبير.
محمد البدوي ليلة الأحد 14 ماي 2023.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading