البيتو ( 15)

6 أبريل 2023

ذ . عبد المالك العسري : 

…….ادعوكم لمتابعة هذه السلسلة ،نص أدبي “للدكتور عثمان المنصوري “والدخول إلى أغواره وكشف معاني الجمال وموضع الإبداع فيه ، قصة تنشر لأول مرة عبر حلقات
” “البيتو ”
د :عثمان المنصوري – الحلقة 15
ملاحظة: كل تشابه بين شخصيات هذه القصة وأحداثها مع شخصيات وأحداث واقعية هو تشابه مقصود
كان حجم الحشود أقوى من الصباح، والترقب والتوتر باديين على الجميع. فالمباراة القادمة حاسمة فعلا، وهي التي ستحدد البطل بعد كل هذا الصراع والقلق. ونظرا لأهميتها فقد حرص الباشا على متابعتها شخصيا، وجلس بين اللاعبين، وبدأت المباراة. لعب الرجلان هذه المرة بحرص شديد وبأسلوب دفاعي، وتطلب وصولهما إلى الخانات النهائية أكثر من ساعة، وكلما اقتربا من النهاية إلا وازداد الضجيج في الخارج، ولم يعد بإمكان رجال الشرطة والمخازنية السيطرة على الموقف، ووجدوا صعوبة في ضبط الجمهور الذي كان يعيش أطوار المباراة بكل جوارحه. وبين الفينة والأخرى كان أحد مساعدي الباشا يأتي إليه ويخبره بالأحوال في الخارج فيبدو عليه التوتر، ويتململ في مقعده. وبلغ توتر الجميع أقصاه حين وصل اللاعبان إلى قمة التساوي، فكل واحد منهما أوصل قرصه إلى مدى نقطة واحدة، بحصوله عليها ينهي المباراة لصالحه، ويحصل على البطولة. ومرة أخرى أصبح بطل اللعبة هو البيتو الذي سيقرر مصير الرجلين. مسح الشريف يديه بمنديل وامسك بالبرميل، وحركه طويلا، ثم ألقى بالنرد على زجاجة الرقعة، فتراقص طويلا قبل أن يتمايل ويستقر على رقم خمسة، فتنهد الروبيو، وقام بنفس الحركة، وألقى نرده فلم يظهر البيتو. في هذه الاثناء كانت أعناق المتفرجين تشرئب وأسماعهم ترهف لسماع النتيجة. كانوا يرغبون في سماع كلمة البيتو التي تحسم الامر، وحين يخيب أملهم يصيحون صيحات استهجان، وعند وصول دور أحد اللاعبين، يهتف أنصاره: اللهم صلي عليك أرسول الله. لاحظت أن الباشا كان متوترا للغاية، وبدا يمسح بعض حبات العرق التي سالت من جبينه، فهو لم يكن يرغب في انتصار أي منهما أو انهزامه، بل كان يخشى أن ينفلت زمام الأمن، بسبب تهور بعض المندسين في الجمهور. عجيب أمر هذا البيتو، نقطة واحدة في نرد صغير أثارت كل هذا القلق والتوتر لدى الجميع. تكرر الأمر مرة ثم أخرى، إلى أن وصلت المحاولات من الطرفين إلى خمس محاولات، وفي كل محاولة يهيج الجمهور، ويجد رجال الأمن صعوبة شديدة في ضبطه. لم يعد الأمر محتملا، وقرر الباشا أمرا، فطلب من الروبيو أن يتريث قبل اللعب، وأشار إلى عبد المجيد الذي ذهب إليه، وطلب منه أن يوقف اللعب ويعلن عن استراحة. وهكذا طلبنا من اللاعبين أن يستريحا قليلا ليخففا من توترهما، واستدعانا الباشا، مع اللاعبين إلى مكتبه، وهناك أخبرنا أن الأمور تطورت، وقد يفلت زمام الأمر منا، وأن انتصار أي من اللاعبين سيؤدي لا محالة إلى حوادث يصعب التحكم فيها، وأن علينا أن نحسم الأمر ونعلن تعادلهما. عبثا حاولنا إقناعه أن هذه اللعبة لا تنتهي بالتعادل، وأن قانونها لا يتيح لنا هذه الإمكانية، لكنه أصر على أن الحل الوحيد الذي يرضي الجميع هو التعادل. وأرسل أحد مساعديه ليحضر الورقة الكبيرة التي كانت تتضمن شروط المسابقة

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading