من أولياء ووليات مدينة القصر الكبير: الولي الصالح الشريف سيدي محمد المجول صاحب الكرامات

7 أبريل 2023

بقلم : عبد القادر الغزاوي
القصر الكبير . المغرب

يعد الولي الصالح الشريف أبو عبد الله سيدي محمد المجول من أشهر أولياء وصلحاء مدينة القصر الكبير، ولد سنة 980 هـ / 1573 م ، وتوفي بمدينة القصر الكبير عام 1056 هـ/ 1646 م . لقد عاش في عهد الدولة السعدية ( 1510-1659 م ) أواخر القرن العاشر وبداية القرن الحادي عشر الهجريين . وأشير إلى أنني لم أقف على ترجمة كاملة خاصة بهذا الولي، الشيء الذي يجعل المعلومات المتوفرة المتعلقة به قليلة وضئيلة ، لا تتحدث عن نشأته وتعليمه وحياته بمدينة القصر الكبير .
يقول عنه الأستاذ الحاج عبد السلام القيسي : ( كان شيخا صالحا نقيا ورعا، ذا غيبة إلا أن رسومه محفوظة عليه، وله كرامات وبركات ومكاشفات ونطق بمغيبات، وأخذ عن السيد أبي عبد الله محمد الحاج الأغصاوي دفين فاس، وأخذ عن الشيخ السيد أبو عبد الله محمد بن علي البقال دفين الحرائق من بلاد غصاوة، وله ولذريته مكانة مرموقة لدى سكان مدينة القصر، وعاصر أواخر ملوك الدولة السعدية ) . (1) .
وجاء في شجرة الشرفاء الطالبيين بسلا : (… وكان سيدي أحمد الطالب في بلده القصر الكبير مشتغلا بتعليم الصبيان القرآن الكريم في مكتبه المعروف بالقصر الكبير، وكان الرجل الصالح المعروف بالمتجول يأتي إليه مرارا يقول له : قم ترث في السلطان …) . (2) ، حيث كان يحثه على الذهاب إلى مدينة سلا ، ويقول له : ” اذهب لسلا ترث من السلطان “. ويقصد بالسلطان الولي سيدي عبد الله بن حسون ، دفين مدينة سلا ، المتوفى عام 1013هـ / 1605 م . وهو من أشهر أوليائها ، ضريحه معروف ومشهور بها ، يوجد بالقرب من مسجدها الأعظم . مما يدل على أن الولي سيدي محمد المجول هو الذي أشار إلى الولي العالم الصوفي سيدي أحمد الطالبي القصري المتوفى سنة 1072هـ / 1662م. دفين مدينة سلا، بالرحيل إليها .
وفي نفس السياق جاء في كتاب الإتحاف الوجيز تاريخ العدوتين : ( هو الولي الصالح ، الكامل الناصح ، سيدي أحمد بن محمد الطالب القصري السلاوي، كان رحمه الله ذا قدم عظيم وتحقيق الإرادة، مواصل الصيام الأيام العديدة … أخذ عن الشيخ سيدي محمد بن سعيد العتابي تلميذ ابن حسون، رحل إليه من مدينة القصر بإذن الشيخ صاحب الكرامات والكشوفات سيدي محمد المجول القصري ) . (3) .
وجاء في كتاب نشر المثاني لأهل القرن الحدي عشر والثاني : ( فمنهم الشيخ أبو عبد الله محمد المجول بالقصر الكبير. والمجول بصيغة إسم المفعول من الرباعي من جوَّل مضعفا – بجيم أوله فواو ولام – قال في ممتع الأسماع : وكان صاحب غيبة إلا أن رسومه محفوظة عليه ، وله كرامات وبركات ومكاشفات ، ونطق بمغيبات . توفي أواخر العشرة السادسة بعد الألف . وأخذ عن السيد أبي عبد الله محمد الحاج الأغصاوي دفين فاس وقتيل أميرها ، يعني أمير المومنين مولاي محمد الشيخ بن المنصور الحسني – وأخذ أيضا صاحب الترجمة عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي البقال دفين الحرايق من بلاد غصاوة والأخماس ) . (4) .
ويشهدون له بأنواع من الكرامات التي اشتهر بها . وقد جاء عن الكرامات وإثباتها في كتاب التشوف إلى رجال التصوف : ( اعلم أن كرامات الأولياء جائزة عقلا ومعلومة قطعا . وممن قال بها إمام المتكلمين القاضي أبو بكر بن الطيب توفي ببغداد سنة 403 هـ . فقال : إن المعجزات تخص بالأنبياء والكرامات تكون للأولياء ) . (5) .
ومن الكرامات التي تنسب إليه علاج العقم عند النساء ، حيث كانت المرأة التي يتأخر الحمل عندها تقصده من أجل الحمل والإنجاب فيدعو لها .
ومن كراماته التي اشتهر بها كذلك حديثه مع البغلة ، وذلك حسب ما ورد في كتاب صورة جبالة في الوعي الكولونيالي الفرنسي . حيث جاء فيه : (… ترجع الأسطورة التي تحكي عن نقل رأس ” سيدي محمد الحاج ” عبر القصر الكبير الرواية السالفة . ويرى البعض أن الأمر تم أثناء القدوم من فاس ، في حين يرى آخرون أن ذلك وقع أوان الذهاب إليها ، ويبدو الرأي الأخير أكثر احتمالا ، فعند الوصول إلى باب مدينة القصر الكبير في المكان المسمى ” حجرة الموقف” . وقفت البغلة التي حملت رأس المرابط رافضة التقدم ، إلى أن أتى بسيدي محمد المجول الذي كان مريدا لسيدي محمد الحاج ، والذي يسكن بالقرب من هناك في ” جنان الرماني ” الذي يقيم به أعقابه ، والذي دفن فيه . تكلم المجول حينها في أذن البغلة ، ثم استأنفت السير إلى أن وصلت إلى فاس دون مشقة . عندئذ دفن رأس محمد الحاج في سويقة ابن الصافي في زاوية ” أولاد البقال ” ، بينما دفن جسده في ” الحرايق ” في ” قبيلة غزاوة ” حسب رواية البعض ، وفي قبيلة ” بني حسان ” حسب رواية البعض الآخر… ) . (6) .
نستخلص مما سبق أن الولي الشريف سيدي محمد المجول كانت له حظوة مميزة بين أولياء وصلحاء مدينة القصر الكبير، وكان يتمتع بسيرة حسنة ومكانة مرموقة وسمعة كبيرة ، وله كرامات الأولياء ، الشيء الذي كان يجعل أقواله ونصائحه وكراماته محترمة .
ولما توفي أقبر بضريح يحمل إسمه قرب زاويته بدرب بالعربي بعدوة الشريعة ، غير بعيد عن جامع السعيدة ، بحومة تعرف بحومة المجولين ، نسبة إلى الشرفاء المجولين بمدينة القصر الكبير .

المراجع والهوامش :

1 ـ كتابه تراجم أشهر أولياء وصلحاء مدينة القصر الكبير ( مخطوط ) . تأليف الحاج عبد السلام القيسي الحسني .
2 وثيقة شجرة الشرفاء الطالبيين أتوفر على نسخة منها سلمها لي الشريف سيدي عبد اللطيف الطالبي نقيب الشرفاء الطالبيين بمدينة سلا .
3 ـ كتاب الإتحاف الوجيز تاريخ العدوتين ، لمؤلفه محمد بن علي الدكالي، طبعة سنة 1986م، الصفحة رقم 99 الترجمة رقم 27 .
4 ـ كتاب نشر المثاني لأهل القرن الحدي عشر والثاني . تأليف محمد بن الطيب القادري . الجزء الثاني . تحقيق محمد حجي وأحمد توفيق . الطبعة الأولى . السنة 1982 م . الصفحة رقم 50. ( محمد المجول القصري ) .
5 ـ كتاب التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي ، تأليف أبو يعقوب يوسف التادلي التادلي المشهور بابن الزيات . تحقيق الأستاذ أحمد توفيق . الطبعة الثانية . السنة 1997 م . الصفحة رقم 54 .
6 ـ كتاب صورة جبالة في الوعي الكولونيالي الفرنسي . نصوص مختارة من الوثائق المغربية تأليف إدوارد ميشو بيلير( 1857 -1930 م ) . ترجمة حنان المدراعي . الصفحة رقم 31 .
7 ـ كتاب ممتع الأسماع في ذكر الجزولي والتباع وما لهما من الأتباع . تأليف محمد المهدي الفاسي . تحقيق وتعليق عبد الحي العمروي وعبد الكريم مراد . الطبعة الأولى . السنة 1994 م .
8 ـ كتاب التشوف إلى رجال التصوف . تأليف أبو يعقوب يوسف التادلي المشهور بابن الزيات . اعتنى بنشره وتصحيحه أدولف فور . السنة 1958 م .
9 ـ كتاب الطريق لمعرفة مدينة القصر الكبير . تأليف محمد عبد السلام بو خلفة . السنة 1974 م .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading