“يوم أصيب حمامة”

3 أبريل 2023

ذ الخليل القدميري

بعد تماثله للشفاء، عاد الطفل “حمامة” إلى فصول الدرس، دون أن تعود معه ساقه اليمنى، فقد حلت محلها ساق خشبية ثقيلة، كان حمامة ينوء بحملها فيعمد إلى خلعها، من حين لآخر، ليستريح من عنائها، فيتلقفها التلاميذ بحبور ويتناوبون على إخفائها، وحين يهم حمامة بإخبار الفقيه، تعود إليه ساقه الخشبية في الحال، مخافة من لسعات قضيب من سفرجل جعل منه الفقيه وسيلة إيضاح وردع لا تقدر بثمن.

كان الطفل “حمامة” من بين ضحايا الكفاح السلمي من أجل الحرية والاستقلال، ففي فترة حافلة بالصراع والقهر والحزن والتغييب، استعاد خلالها جزء من المغرب حريته واستقلاله، وتأخر الإعلان عن مصير ما تبقى من التراب، ثارت ثائرة أهل المدينة، فخرجت عن بكرة أبيها بعد أداء صلاة الجمعة في المسجد الأعظم بعدوة “السوق الصغير”. ضاق صدر المستعمر الغاشم ونفذ صبره، فبدأت جثث المتظاهرين العزل تتساقط بين قتيل وجريح بجوار الولي الصالح للمدينة. وكان حمامة، بعد أن أخذه الحماس، قد انسل من يد أخيه الأكبر مندفعاً إلى طليعة المتظاهرين، وحين اختلطت لعلعة الرصاص بالشعارات والصياح والعويل، وسقط ضحايا العدوان، تفرقت الجماهير، وعاد الأخ الأكبر لحمامة مسرعاً إلى منزله، تسبقه قطرات عرقه المتناثرة، ليسأل بإلحاح عن مصير أخيه الأصغر، فطالعته صورة شاحبة، تتلوى من الألم، وهي طريحة الفراش، تحيط بها ثلة من نسوة المدينة.
الرباط 2 أبريل 2023.

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading