عبد المجيد بوزيان :
يقع مقهى الجلدة الشعبي وسط مدينة القصر الكبير في شارع يفصل حي باب الواد عن حي الشريعة، لاتتعدى مساحته أربعين مترا مربعا، كان معروفا بكؤوس الشاي المنعنع، سمي مقهى الجلدة نسبة إلى صاحبه السي احمد رحمه الله والذي كان ملقبا بالجلدة، لهذا المقهى واجهتان، واجهة على شارع محمد الخامس وواجهة على شارع للا فاطمة الأندلسية، وهذه الجهة لايفصلها عن أشهر مطعم للكفتة المشوية لصاحبه السي عبد العزيز رحمة الله عليه إلا محل لكراء الدراجات الهوائية، قبالة باب المقهى الرئيسي ساحة تتوسطها نافورة من أجمل نافورات المدينة، وعلى يساره متجر لبيع آلات الخياطة نوع سنجر، وبالقرب من المتجر مقهى وأطيل غرناطة وهما من مخلفات الإسبان وقد أصبح اليوم هذا المقهى وكالة بنكية، ثم مقر نادي القنص، أما على يمينه فيوجد مكتب لترجمة الوثائق الإدارية ويديره الرجل الكفء السي العربي رحمه الله، وبناية قديمة يوحي مدخلها أنها مؤسسة إسلامية، بداخلها مكاتب جميع عدول المدينة، بجانبها أكثر من عشر محلات للحلاقة والحجامة، وعلى طول هذه المحلات محطة طاكسيات العرائش، تقابلها عمارة ذات المعمار الاسباني يسكنها يهود ونصارى ومسلمون ميسوري الحال، بالقرب من بابها الرئيسي موقف لحافلات البرادلي، ومتجر لبيع الخمور لصاحبه اليهودي كريسبي وهو أمين يهود مدينة القصر الكبير، ثم متجر لبيع الآلات الالكترونية، وقاعة للحلاقة العصرية ومحل للتصوير الفوتوغرافي معروف باسم صاحبه المرحوم السي التمسماني، وعلى مسافة قريبة من هذه العمارة توجد معلمة اسبانية لازالت صامدة إلى اليوم، إنها السوق المركزي الذي يسميه سكان المدينة بالبلاصا.
كان مقهى الجلدة تجمعا للشباب والرجال والمسنين، ومن أصناف مختلفة، فمنهم كريم العطاء، حلو اللسان،طيب الكلام، لطيف المعاشرة، ومنهم سليط اللسان قاسي القلب، عصبي المزاج، حاد الطبع، كثير الصراخ، ومنهم كذلك المغرور المفتون بالظهور وبحبه لنفسه، هذا التجمع يشمل جل شرائح المجتمع: حرفيون ومياومون، موظفون وأساتذة وطلبة، عاطلون ومعطلون، مثقفون ومتعلمون، أميون أبجديا وأميون سياسيا وثقافيا.
ملاحظة:هذا الوصف يعود لسنوات الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات.
يتبع
