وجهة نظر تشكيلي مغربي مهاجر حول أرضية الممارسة الفنية ببلادنا

28 فبراير 2023

الفنان محمد الرايس – فرنسا

كل الفنانين على إختلاف مشاربهم وتوجهاتهم ، سواء فطريين أو عصامين ، أو خريجي مدارس وكليات الفن يختلفون في التكوين وطرق التعبير والرؤية الفنية ، الجميل في الفن ليس التشابه في نفس المواضيع والأفكار بل في الإختلاف والتعبير ، وهنا يكمن ثراء الابداع الفني ، والمعروف في بلادنا جل الفنانين فطريين أو عصاميين ، أو مدرسين لمادة التربية التشكيلية بإعداديات وينشطون كفنانين ، في المغرب ليس لنا كليات للفنون الجميلة موزعة جغرافيا حسب الجهات ،فقط لنا مدرستان صغيرتان واحدة بتطوان ورثناها عن الحماية الاسبانية، ومدرسة بالبيضاء عن المعمر الفرنسي ، وخريجي هاتان المدرستان العديد لم يحالفهم الحظ أن يدرسوا الفن بالخارج منذ وجودها ، ومن حالفهم الحظ القليل من استطاعوا أن ينهون دراستهم الفنية العليا ، و الحصول على اعتراف رسمي ببحوثهم الفنية من طرف مختصين في مجال الإبداع الفني ، وهناك من قرر مصيره بالخارج ، ومنهم من عاد للوطن ، فإصطدم بواقع فني بعيدا كل البعد عن ما قدمه كمشروع بحث فني بالكلية الفنية التي تابع بها ، الفن عندنا تطاله الفوضى وسوء التنظيم ، و غياب فهم معمق بماهيته كإبداع فني مستقل بذاته ، والغالبية العظمى لا تفقه في اللغة التشكيلية و مفرداتها ومصطلحاتها برؤية فنية وفكرية، والعامل السلبي لهذه المعضلة مرده غياب الثقافة البصرية لدى عدد كبير من المثقفين والجامعيين وعامة الناس ، ومعظم الفنانين في بلادنا مستواهم متقارب في الممارسة الفنية ، وطرق التنفيذ والمواد التي يشتغلون بها،غالبية الممارسين متشبتين بلوحة الحامل والإطارات التقليدية، والكل يحاكي ويغازل نفس المواضيع،وماهو مستهلك ومتجاوز الكل يهتم بالتزيين وليس بالتشكيل بمفهوم صحيح، و هذه الظاهرة هي المؤلوفة عندنا و لدى عامة الناس،وفعلا هذه الظاهرة مسألة عادية وتوجد في جميع دول العالم ، لكن في البلدان المتخلفة عن الركب الفني ، فهي مستفلحلة ومقززة ، وأما ما نسميه فن النخبة والوسط الفني الحداثي في بلادنا ويواكب ماهو معاصر مازال خجولا وليس له سوق فني ملموس وجمهوره محدود ، جل فنانينا يهتمون بما هو محلي ويشتغلون على نفس الصياغة ، ويقلدون بعضهم البعض وكأن الفن صناعة تقليدية ومهارات حرفية ، وليس بحث وتجريب ومواكبة وإضافة الجديد ، وخصوصا بالمدن الصغرى فهذ الظاهرة هي الطاغية وهي حالة عادية ويجب تفهم الخلل، وبكل صدق كل من يعبر ويقلد ويزوق ، ويتفنن في الصياغة الحرفية والفلكلورية فهو فنان وليس لأي كان أن يسقط عنه صفة فنان ، لكن المثير للدهشة والإستغراب هو غياب مشرفين ومسيرين عن تنظيم المعارض بدون تصور ولا فلسفة مسبقة (كأننا في هندقة كرنفالية ( أو بزار و عاشوراء ) والتمييز بين فنان تشكيلي مبدع (créateur ) باحث وله مسار فني يشتغل عليه ، وبين رسام حرفي مألوف يشتغل تحت الطلب ، وبين ماهو ساذج أو تقليدي أو حديث. والجمهور الذي له وعي وفطنة فنية والقادر على على التفاعل هو مايلمس ذلك ، أما الفن بمفهوم معاصر فهو شبه منعدم ، والفنانين المعاصرين هم على رؤوس الأصابع ….

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading