الولد والبطاطس

17 فبراير 2023

ا د . محمد البدوي :

قالت الأم للولد: اشتري البطاطس ، قال الولد للأم : أنا لا أستطيع شراء البطاطس.
قالت الأم للولد : إذن اشتري البصل ، قال الولد : أنا لا أستطيع شراء البصل.
قالت الأم للولد : إذن اشتري الطماطم ، قال الولد : أنا لا أستطيع شراء الطماطم.
قالت الأم للعصى : اضرب الولد ، قالت العصى للولد : اشتري الجزر ، فاشترى الولد الجزر ، فامتنعت العصى عن ضرب الولد .
قال الولد : الجزر يقوي فعالية البصر .
قالت الأم للولد : لماذا لم تشتر البطاطس ولا الطماطم ولا حتى البصل ، واكتفيت فقط بحزمة جزر؟
قال الولد : يا أماه ،إنها النار ، قالت الأم للنار : احرق العصا لأنها لم تضرب الولد، والولد لم ولن يشتر البطاطس ولا الطماطم ولا حتى البصل .
قالت النار : أنا لا أحرق العصا، والعصا لن تضرب الولد، والولد لا يستطيع المسكين الشراء.
قالت الحكومة : أوقدوا على الناس النار ، حتى تشتعل الأسعار .
تساءل الناس عن اشتعال الأسعار ، أجابت الحكومة: ليس بيدنا القرار ، قال الشعب : ترى من وراء اشتعال النار في الأسعار ؟ قال أحدهم ربما يكون رئيس الحكومة ، باعتباره رئيسا للتجار .
وقال آخر إنه من يتحكم في المحروقات، وإذا انخفضت أسعارها ستنخفض لزاما الأسعار.
قال الشعب : “وخا تعيا متطفي غتشعل غتشعل”…..هي نار المواطن نار قوية غتشعل….


قال المخزن للماء : أطفئ النار ، قال المخزن وكيف أطفئ النار ؟
قال أصحاب القرار : اشغلوا الناس بالكرة والجزائر و بالجنرالات……
قلت للبصل : أراك أصبح لك قيمة وشأنا عظيما ، وكنا في ما مضى إذا أردنا أن نتهكم على أحدهم نقول له : ( لا تساوي بصلة)، ماذا بك ، وكنت قد اشتريتك فيما مضى بدرهم للكيلو ، يطوفون بك بالأحياء والأزقة ( والبصلة درهم ، والبصلة درهم)…..
قلت للفلاح لماذا تغالي في ثمن البصل؟ قال لي الفلاح: كذبوك فقالوا، أنا المسؤول، فأنا أبيعها بخمس دراهم معدودات.
قلت للبصل : إلى أين أنت ذاهبة متزينة وجميلة متجملة ؟ قالت وهي مبتسمة ابتسامة الميت المذعور : إلى الميناء أقصد : اسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا…..
قلت: إذن هنيئا لك ، تباعين هناك بأثمنة مرتفعة ، فيستفيد الفلاح ويستفيد الوطن.
قالت البصل : ويحك! كنت أحسبك من الأدكياء ومن الخبراء في الإقتصاد .
فأنا أباع في أوروبا بخمس دراهم ، وأنا بكر عوان بين ذلك ، فإن قبلوا بي عروسا في أسواقهم فذاك ، وإن تيبت بسفاح ورفضوني ، رجعت عندكم بضعف ثمني ، يعني عشر دراهم معدودات .
قلت : ويلك ، أنهون عليك ، ويرتفع ثمنك ، ونحن الضعفاء والمساكين والمعوزين والمحتاجين…..
تركت البصل وتوجهت للبطاطس وقد اغبر لونها، والطماطم وقد احمر وجهها حياء مني، وقلن لي : صدقتك صاحبتنا البصلة .
قلت : في وطني أصبحت لا أساوي بصلة .
وأنت أيتها ( المطيشية) الجميلة المحيا الوضيئة الوجه، الحيية الكريمة، نحبك ونعشقك ، كنت لنا نعم السند ونعم المعين، كم كنا نبادر إليك ونهرع كلما حل بنا الجوع ، ولم نستطع عليه صبرا .
كم كنا نتوسل بك صحبة بيضتين أو ثلاث، فنجعل منك وجبة سريعة شهية .
وكم كان يزيد حبنا لك أيتها الجميلة صاحبة الخدود الحمر في رمضان، فأنت صانعة الحريرة اللذيذة .
لماذا أظهرت وجهك البشع ، وكشرت عن أنياب الجشع ، وتضامنت مع البيض والبطاطس والبصل ، وكنت فيما مضى حبيبة طلبة العلم، ومعشوقة العزاب، وموئل الفقراء والمساكين والمحتاجين وعابري السبيل .
أيتها (المطيشة) رحمة بنا فقد ضاقت بنا المعيشة .
فناديت على على البقرة وقلت لها : اشربي الماء ، وقلت للحبل: اشنق البقرة ، وقلت للفأر : انقض الحبل، وقلت للقط : كل الفأر.
فأكل القط الفأر ، ونقض الفأر الحبل ، وشنق الحبل البقرة ، وشربت البقرة الماء ، وأطفأ الماء النار ، وأحرقت النار العصا ، وضربت العصا الولد ، وعجز الولد عن شراء البطاطس والطماطم وحتى البصل.

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading