بقلم : عبد القادر الغزاوي :
11 ـ تراث الآباء والأجداد بين الأحفاد والأولاد والضياع والنسيان . حيث أن هناك في المشهد الفكري والثقافي لمدينة القصر الكبير العالمة والتاريخية جماعة من العلماء والكتاب والشعراء قد طالهم النسيان والإهمال ، ( منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) الآية رقم 23 سورة الأحزاب . فقد أفلح من عمل جاهدا وصادقا من أجل المساهمة في إنقاذ ما تبقى من التراث الفكري والثقافي لمن رحلوا من الدار الفانية إلى الدار الباقية ، وقد جاء في الحديث الشريف أنه : ( إذا مات ابنُ آدم انقطَعَ عملُهُ إلا من ثلاث : صدقةٍ جاريةٍ ، أو علمٍ يُنتفع به ، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له ) . والحمد لله أن مضامين الحديث النبوي متوافرة وموجودة .
فهذا التراث الفكري والثقافي الذي خلفه الآباء والأجداد الذين كان لهم أثر كبير ، ومكانة حاضرة في فضاء الحياة الأدبية للمدينة والفكرية كرواد وأعلام ومفكرين وشعراء وأئمة وعلماء ، وأهل الحَرف وصنّاع الكلمة ، حيث تركوا إنتاجا فكريا وثقافيا عميقا ، له قيمة بليغة علمية وأدبية ، متنوع الموضوعات والأغراض في شتى الميادين الفكرية والأجناس الأدبية . وهؤلاء الرواد الذين حملوا مشعل العلم والفكر والثقافة في حياتهم ، لم يأخذوا حقهم ومكانتهم العلمية وكذا الاهتمام اللائق بهم …
فعلى الأبناء والأحفاد والأصدقاء الأوفياء ، ممن استطاع منهم ، أن يخرجوا إلى الوجود الفكري ، وينشروا تراث وإبداع آبائهم وأجدادهم وأصدقائهم لإنقاذ ذلك من الضياع والاندثار ، وليستفيد منه المهتمون والدارسون والباحثون في الحياة الفكرية والأدبية والتاريخية لهذه المدينة العالمة والتاريخية ، ويكون ذلك بمثابة رد الاعتبار لهم والاحتفاء بهم والوفاء لهم ولإنتاجهم ذي القيمة البليغة . فهل من مجيب أم هي صيحة في واد ونفخ في رماد ، وكما يقول الشاعر الفارس عمرو بن معد يكرب بن ربيعة الزبيدي (525- 643 م ) ، الملقب بأبي ثور :
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيــــــــا ×× ولكن لا حياةَ لمن تنــــادي
ولو نارٌ نفختَ بها أضـــــــاءت ×× ولكن أنت تنفخ في رمـــــاد
والأمل معقود بإذن الله بطبع ونشر وإحياء ذلك الكنز الفكري والعلمي الثمين ، ممّا تركه الآباء والأجداد ، نظرا لما أصابه من إهمال ونسيان ، ( فلهم الفخر الذي لا يجهل ، والذكر الذي لا يهمل ) . وما قولي هذا إلا من باب التنبيه والتذكير والغيرة وتحقيق الهدف العلمي المنشود . ولله الأمر من قبل ومن بعد .