عز الدين محمد البدوي
الدين بدأ بامرأة خلد التاريخ اسمها ، هي أمنا خديجة بنت خويلد ، أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم .
يرجع إلى حضنها فزعا مذعورا من هول ما رأى وما سمع في أول اتصال بملك الوحي جبريل عليه السلام، فيكون ردها بهذه العبارات:
“كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.
بهذه الكلمات العظيمة تثبت أم المؤمنين خديجة قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدثها بشأن المَلك الذي نزل عليه بغار حراء، حيث قال لها معبرًا عن خشيته: “لقد خشيتُ على نفسي”.
وكان دور المرأة والزوجة الصالحة هو تخفيف حدة الضنك التي لحقت بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم جراء هذه المقابلة الشديدة الصعبة مع “جبريل”، وتؤكد له عناية الله به، مدللة على خصال كريمة يتصف بها المصطفى، وسلوكيات طيبة يمارسها في مجتمعه.
وهكذا استحقت أم المؤمنين التكريم فوق سبع سماوات ، فعن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب”صحيح البخاري ، كتاب مناقب الأنصار.
من بيتها خرج النور ليبدد الظلام، من بيتها انبعث الإيمان ، هكذا هي الزوجة الصالحة، تصنع المعجزات ، ومن هنا تصح مقولة : “وراء كل رجل عظيم امرأة”
ووراء منتخبنا الوطني المغربي ، نساء ، أمهات أبين إلا أن يحضرن على غير العادة ، هذه التظاهرة العالمية في قطر ، ترى هل هي صدفة؟ أو بدعوة كريمة من السيد الناخب الوطني القائد الفذ وليد الرݣراݣي ؟ وأيما جهت سعت لحضور الأمهات والزوجات وحتى الأباء والدراري فقد نجحت .
ولست أدري سر هذا التوفيق والنجاح المنقطع النظير الذي حققه منتخبنا الوطني، أليس مرده حضور الأمهات؟
أو ليس تلك السجدات ، وتلك القبلات والأحضان وراء هذا الإنجاز ؟
هي رسائل تلقاها العالم ، من الأسود، رسائل بعث القيم الجميلة ، في زمن الانحدار الأخلاقي الذي يعيشه الغرب وتشويه الفطرة السليمة والنزوع نحو الحيوانية والانحراف بالإنسان نحو القاع.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -يعني: صحبتي، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
أدركنا أخيرا أن الأم تصنع النصر ، أدركنا قيمة الأسرة والعائلة ، هكذا تعلمنا من الأبطال ، وليس غريبا أن أضحى منتخب الساجدين مثالا لباقي أبطال العالم.
وها هو البطل ملك الكرة الأرجنتيني الفائز بالكأس يحتفل مع أمه في أرضية الملعب كما كان يصنع حكيمي وسايس وبوفال ووليد……
بحق يستحق هذا المونديال أن يكون أحسن نسخة ، وبحق يستحق منتخبنا أن يتوج كأحسن فريق حتى ولم يفز بكأس العالم، وكذا تستحق قطر الريادة والتنويه.
انتصار بطعم النية، ورضى الوالدين ، وسير سير سير…..