ذ . إدريس حيدر
لعل الجميع متفق على أن بعض المستعمرات السابقة ل” فرنسا” و منها المغرب ، جعلت من اللغة الفرنسية و فرنسا ضرورة تكاد تكون عقيدة و مرد ذلك هو أن النخب في تلك الدول انتسبت إلى المدرسة الفرنسية ،فنهلت من معين الثقافة الفرنسية و من إشراقات ” عصر الانوار”.
و هذا المعطى جعل تلك الدول و نخبها، ترتبط ب” ماما فرنسا” بحبل سري ، و أصبحت بمقتضى ذلك الواقع ، كل سياساتها تملى عليها من دوائر صنع القرار الفرنسي .
و هذا هو واقع حال العلاقات المغربية/الفرنسية ، و التي و بالرغم من الهزات التي كانت تعتريها بين الفينة و الأخرى ، إلا أنها ظلت متينة و قوية .
و المتتبع النبيه لمد و جزر تلك العلاقة ، لابد و أنه مدرك ،إلى إنها تمر ببرودة ، لها أسباب كثيرة منها :
* مزاحمة المغرب لفرنسا في عمقها الإفريقي و خاصة في غربها و ذلك باستثماراته المتنوعة في حقول مختلفة .
* انخراط المغرب في تحالف جديد مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل، مع الأخذ بعين الاعتبار ” أجندتهما “التي تختلف كليا عن سياسة ” فرنسا” في المنطقة.
* التقارب الجديد للمغرب مع : إسبانيا، ألمانيا و هولندة بمعنى رسم معالم جديدة للدبلوماسية المغربية .
* توجه فرنسا نحو الجزائر، بغية حصولها على الغاز الجزائري و حفاظها على مصالحها التاريخية معها.
* عدم التحاق فرنسا بالدول الغربية التي دعمت المغرب بخصوص المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي.
هذا فضلا عن أن فرنسا لازالت في حالة ارتباك ، خاصة و انها تعلم أن العالم له الآن قطبان متنازعان على مستويات عدة ،هما : الصين و الولايات المتحدة الأمريكية، و انها هي الأخرى لازالت تبحث لنفسها عن موقع بين هذين العملاقين.
و بهذا الخصوص فهي تلاحظ تقارب أمريكا مع المغرب و مراهنة الصين على هذه الأخيرة و جعلها منصة تصدير و تصنيع نحو إفريقيا .
هذا الاختلاف جعل فرنسا تتخذ بعض الإجراءات المضرة بالمغرب منها : رفض إعطاء تأشيرات لبعض المغاربة و منهم بعض رجال الأعمال و غيرهم .
و رد المغرب بأن مناهجه الدراسية ستجعل اللغة الإنجليزية تحظى باهتمام خاص ( غالبا ) على حساب اللغة الفرنسية ، بمعنى آخر البدء في إعداد نخب المستقبل المرتبطة بامريكا و غيرها.
إن التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية المغربية ،الهادفة إلى التخفيف من تبعيته ل:” ماما فرنسا” و لعبه دورا جيوسياسيا و استراتيجيا مهما ،لا بد أن يُحَصن بالانتقال الديمقراطي الذي طال انتظاره.