
ذ – ادريس حيدر :
قال ذات يوم ، ملك ” فرنسا” ، ” لويس الرابع عشر “:
” لو لم أكن ملكا لفرنسا ، لوددت أن أكون محاميا “.
قرار محكمة النقض .
كانت الأجواء السياسية في المغرب ، قد بدأت وأخذت تشهد انفتاحا سياسيا في أواخر حياة الملك الراحل ” الحسن الثاني ” و استمرّت على نفس النهج في بداية حكم الملك : ” محمد السادس”.
و هنا لا بد أن أذكر ببعض الإجراءات التي تمت أنذاك :
إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين ، عودة المنفيين و على رأسهم ” الفقيه محمد البصري ” ، إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ، .
عودة الزعيم الشيوعي و أحد قادة منظمة ؛” إلى الأمام ” : ” أبراهام السرفاتي ” من منفاه القسري في ” باريس” إلى ربوع الوطن : المغرب .
كما رُفِعت قيود الإقامة الجبرية في حق الزعيم الروحي لمنظمة :” العدل و الإحسان”.
و تلتها كثير من الإجراءات التي كانت تروم ، توجيه رسائل إلى الرأي العام الوطني و الدولي ، مضمونها ، هو أن هناك تغييرات عميقة و أن دولة الحق و القانون آتية .
في هذه السياقات و هذه الأجواء المفعمة بالأمل ، أصدرت محكمة النقض قرارها القاضي بنقض الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بطنجة ، و كان ذلك إيذانا بالتحاقي بمهنة المحاماة .
و هنا لا بد من التذكير بالدور الرائع الذي قام به نقيب هيئة المحامين بطنجة و رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب :ذ . النقيب : مصطفى الريسوني رحمه الله ، من أجل وضع حد ، لهذا الظلم و الاستبداد الذي مورس في حقي ، كما أنني لن أنسى المجهود النضالي و الاستثنائي ، الذي لازلتُ لحد الآن أتذكره باعتزاز كبير و أثمنه عاليا ، و الذي قام به الأستاذان اللذان كانا شابين و في عمر الزهور ، من أجل التحاقي بمهنة المحاماة و هما :
– ذ. النقيب و رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب : ” عبد السلام البقيوي ” رحمه الله .
– ذ. عبد الله الزايدي المناضل الشامخ ، أطال الله في عمره .
– ذ. سعيد البنشعبوشي ، الذي رافقني و صاحبني و دعمني كثيرا في هذه المحنة ، و لم يأل جهدا من أجل الوصول إلى الهدف المنشود ، و كان يعتبرها معركته .
– ذ. محمد السكتاوي : المناضل الحقوقي و الشاعر الفذ ، الذي هو الآخر كان دعامتي و يضخني بجرعات كبيرة من الأمل و الصمود .
انتشر خبر انفراج أزمتي وسط المناضلين على مستوى وطني ، و بالرباط خاصة ، حيث هناك و بسجن ” لعلو”، سيء الذكر ، قضيتُ عقوبتي السجنية ، بسبب قناعاتي الفكرية و الأيديولوجية .
حُدِّدَ لي تاريخ أداء اليمين أمام محكمة الاستئناف بطنجة .
و عادت تسكنني من جديد نفس الهواجس ، و تراودني نفس الأسئلة ، و التي لم أكن أملك لها جوابا .و على رأس هذه الانشغالات :
– هل سأنجح في هذه المهنة ؟
– و هل ستكون وسيلتي المثلى من أجل الاستمرار في نضالي من موقع جديد ؟
كان أداء اليمين يتم بالبذلة السوداء ، التي يتخللها اللون الأبيض في بعض جنباتها .
و بالمناسبة ، كان خياطو هذه البذلة في المغرب قليلون ، و كان أحدهم و الذي كان يتردد عليه محامو شمال المغرب ، يقع محله بالقرب من سينما ” روايال” بالرباط .
حصلتُ على بذلتي و التي سأفهم فيما بعد دلالات ألوانها ، و انتظرت اليوم الموعود .
يتبع …