
ذ. ادريس حيدر
قال ذات ملك فرنسا ” لويس الرابع عشر ” :
” لو لم أكن ملكا لفرنسا ، لوددت أن أكون محاميا”.
لماذا مهنة المحاماة ؟
لم أكن أظن أنني سأنتمي يوما لمهنة المحاماةً ، فقد اشتغلتُ في التعليم و وجدتُ فيه ضالتي ، بل و متعة لا تُضاهى .
كنتُ أستمتع و أنا ألقي الدرس على تلامذتي ، و كنتُ أسعد و أنا أرى وجوه تلامذتي تتأملني و تُصغي إلى ما أقول .
و كان وجداني يمتلأ غبطة ، كلما شعرتُ بتفاعلهم معي أثناء حصة المساءلة أو الامتحان .
و لم أكن أكتمُ سعادتي ، عندما كان بفاجئني النجباء منهم ، بطرحهم أفكار مهمة و نوعية ، أو اقتراحات مجدية ، أو مخرجات استشرافية و عميقة .
كنتُ ألتحق بالمؤسسة التعليمية ، بخطى حثيثة و سريعة ، و بنشاط و حيوية لا تخطئها العين ، و كأنني على موعد مع لحظات ماتعة و استثنائية و سعيدة .
غير أن هذه اللحظات المتميزة لم تدم طويلا ، نتيجة أنشطتي السياسية و النقابيّة .
فقد تم اعتقالي أكثر من مرة بل و التشطيب علي من أسلاك الوظيفة العمومية ، بما يفيد طردي من مهنتي المفضلة ، و هي التعليم .
التشريد و التجويع بما يعنيه من أضرار جسيمة علي و على أفراد عائلتي ، باعتباري كنتُ مسؤولاً عن أسرة متعددة الأشخاص . دفعني للتفكير بجدية في الولوج لمهنةأخرى أمارس من خلالها قناعاتي الفكرية و السياسية ، و أكون بمنأى عن هذا النوع من المخاطر .
و لأنني كنتُ شاهدا في محطات كثيرة ، سواء في محاكمات سياسية لمناضلين من مختلف تيارات اليسار المغربية، أو من خلال محاكمتي و من معي ، على الدور النضالي و الحقوقي و القانوني ، الذي يضطلع به المحامي ، خلصت إلى قناعة مفادها أنه و لاستمراري مناضلا ، شامخا ، ممارسا لقناعاتي ، لا بد أن أنتمي لمهنة ” المحاماة “.
و هكذا حسمتُ الأمر ، و قررتُ الانتساب لها .
” فوين خيرولا ” الأندلس – إسبانيا
19|09|2025
.