
– حسن اليملاحي .
كان الشارع خاليا من المارة بفعل موجة الحرارة التي تجتاح مدينة مالقة الأسبانية في فصل الصيف. بعد أن اجتزت شارع سانتا إلينا، عرجت على الفندق – مقر إقامتي – حيث يقع في شارع صغير يتفرع عن شارع رئيسي لاريوس. كان من اللازم أن أغادر، لأني لا أتحمل الحرارة المرتفعة. بعد تسلم مفاتيح الغرفة من قبل البولونية مالكة الفندق وإحاطتي علما ببعض التوجيهات اللازمة التي تنسجم مع أعراف السياحة، توجهت إلى سطيحة الفندق المغطاة بالنباتات لأرتاح قليلا من وعثاء وتعب السفربعد أن استبد بي.
في هذا الفضاء الجميل الذي يطل على ضاحية مهمة من مالقة، سأتعرف على ألونسو. هذا الرجل من مواطني جمهورية التشيلي. وأنا أتحدث إليه – بعد أن اطمأن كل واحد منا إلى الآخ- أخبرني بأنه جاء من العاصمة إلى مالقة للبحث عن والدته الأسبانية التي فرت من سانتياغو بعد الانقلاب الذي قاده الجينيرال بينوتشي على الرئيس المنتخب سالفادور أليندي خلال السبعينات، أما والده المعارض الذي ينتمي إلى حركة التمرد، فقد اختفى بعد أن تعرض للاعتقال من قبل قادة الانقلاب.
وأنا أتابع قصته بكل حواسي، وجدتني أغرق في الدموع وهي تتساقط من عيوني الغريبة. هل أخبره بأني أعاني من نفس المشكلة – مع اختلاف بسيط – بعد أن دفعتني الظروف إلى السفر من برشلونة إلى مالقة للبحث عن روسيو أم ابتني ألبا بعد كل هذه الغياب اللعين.
أعي جيدا أني جئت إلىى عاصمة الأندلس لألبي نداء قلبي، وقلبي يختلط عندي بقلب ابنتي العزيزة ألبا بعد أن تعرض للتشظي نتيجة طلاقنا البائن.
أين أنت يا روسيو، لقد بلغ إلى علمي أنك قدمت إلى مالقة لزيارة أختك لوسيا والتخلص من قساوة الوحدة في برشلونة بعد كل ما حصل بيننا بسبب طيشي وما أعقبه من سوء تفاهم قضى على ما تبقى من آواصر حبنا.
أنا أنتظرك يا عزيزتي في شارع ماركيز لاريوس بعد سنوات من القطيعة، من فضلك لا تتأخري عني.