الفضاءات الثقافية وشباب القصر الكبير: صرخة من أجل الأمل والاحتواء.

15 يونيو 2025

بقلم : خديجة الشرقاوي ، رئيسة مركز ليكسوس للباحثين الشباب، 

في زمن تتسارع فيه مظاهر الانحراف والإدمان وسط فئات واسعة من شبابنا، يُطرح علينا جميعًا، مؤسسات ومجتمعًا مدنيًا وفاعلين ثقافيين، سؤال وجودي مؤلم: أين نضع شبابنا حين تغلق في وجوههم أبواب الأمل؟ وهل نملك الجرأة لمواجهة الحقيقة كما هي، لا كما نتمنى أن تكون؟

إن الفضاءات الثقافية، وعلى رأسها دور الشباب، ليست مجرد بنايات إسمنتية أو قاعات معدودة، بل هي حصون رمزية للوقاية والاحتواء، ومدارج للانعتاق من اليأس إلى الإبداع. غير أن ما نراه على الأرض، في مدينة القصر الكبير تحديدًا، يحيلنا على واقع يبعث على القلق والأسى، بل وعلى الشعور العميق بالخذلان.

فدار الشباب 3 مارس التابعة للمجلس الجماعي، التي يفترض أن تكون فضاءً يحتضن طاقات الشباب، تحولت إلى عنوان للإقصاء والتهميش؛ قاعاتها مستغلة كمقرات لجمعيات لا علاقة لها بتأطير الشباب، والأبواب موصدة، باستثناء قاعة وحيدة منهكة ومهملة، وأخرى مجهزة بالحواسيب تبقى مغلقة في أغلب الأحيان، تُركت الأجهزة فيها عرضة للتلف، بدل أن تكون أداة للتحفيز والمعرفة.

أما دار الثقافة، المتنفس الوحيد النابض للأنشطة الثقافية والجمعوية، فقد تم إغلاقها لأسباب مجهولة، ورغم تقديمنا لعريضة رسمية، واقتراحنا نقل التجهيزات للقاعة الكبرى المقابلة لمقر الجماعة، حفاظًا على المعدات وحرصًا على تدبير معقلن للميزانية، لم نتلق لحدود الساعة أي جواب، رغم مرور ما يزيد عن ثلاثة أشهر.

أما المركز الثقافي البلدي، فهو الآخر يرزح تحت ثقل الإهمال، وسقفه الآيل للسقوط شاهد صامت على غياب الإرادة والإصلاح. ودار الشباب الحريزي، ورغم أنها مجهزة بالكامل وتقع في موقع استراتيجي وسط المدينة، نجد أنفسنا كجمعيات شبابية أمام جدار بارد: اشتراطات مادية ومعنوية مرهقة، وقرارات رهينة الميزاجية.

فكيف لنا، كمجتمع مدني، أن نتصدى لخطر الإدمان الذي ينهش عقول شبابنا، إذا كنا نحن أنفسنا عاجزين عن ولوج الفضاءات المفترض أن تُهيّأ لهم؟
كيف نحفّز الإبداع، إذا كان الحاسوب محجوزًا، والمسرح مغلقًا، والكتاب محاصرًا في رفوف قاعة منسية؟

إننا، في مركز ليكسوس للباحثين الشباب، لا نكتفي بالبكاء على الأطلال، بل نوجه نداءً عقلانيًا عاطفيًا في الآن ذاته: افتحوا الأبواب. حرّروا الفضاءات. أنصفوا الجمعيات الجادة. امنحوا شباب القصر الكبير ما يستحقه من كرامة، واحتضان، وتأطير.

ولنكن واضحين: محاربة الإدمان لا تبدأ من الشرطة والمستشفى، بل من القاعة المجهزة، من النشاط الثقافي، من اليد التي تمتد للشاب قبل أن يمد يده للمخدر.

إن الاستثمار الحقيقي في المستقبل لا يكون بإغلاق القاعات، بل بفتح نوافذ الأمل.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading