الفلسفة السياسية النسوية وإشكالية النوع

3 مارس 2025


حلقات أشرفت على إعدادها : الأستاذة أمينة بنونة .

الفلسفة السياسية النسوية وإشكالية النوع

ما الإشكالات الحقيقية التي تقف وراء المعاناة المادية والرمزية للنوع؟ كيف تمرد النوع على سرد بلاغي لم يساهم في كتابته؟ لماذا انطلقت المنتجات الذهنية النسوية من الفلسفة السياسية كمجال للمقاومة؟
لم يكن الإقصاء، سوى نشاط مميز لبنية ذكورية هرمية تعرف كيف تستبعد النوع وتأسره في فضاء خاص. يبيح هذا الفضاء الخاص تقديم خدمات خارج بنية الاعتراف والاقتصاد، مثل:تربية الأطفال والأشغال المنزلية والإنجاب…إنه بناء معطى خارج إرادة النوع واستقلاليته الذاتية. ففي هذا “المجال تعيش الجحافل الجرارة من نساء العالم الجانب الأكبر من حياتهن (وفي بعض الحالات، يعيشن فيه فعليا حياتهن بأسرها) وتحدث فيه أعداد هائلة من حالات انتهاك حقوق الإنسان للمرأة “.
لقد تحالفت الإرادات القانونية والثقافية والطبية على صياغة معايير قسرية، تجبر النوع على الانصياع والخضوع لأوامر سلطة مجهولة.كما قامت برسم مسارات الفضاء الخاص من أجل تكبيل كل ما من شأنه أن يتمظهر كصوت أو فعل ضد معايير أحادية الجانب.
يظهر أن المعاناة الحقيقية التي يتعرض لها النوع، تكمن أساسا في مفاهيم أنوارية تم تصريفها في قالب ذكوري، كالمواطنة والديمقراطية والعدالة والاعتراف والدستور والحقوق…إنها أزمة النسق السياسي الليبرالي. لما نتحدث عن الإقصاء، فإنه إقصاء سياسي. ولما نتحدث عن أزمة الهوية، فإنها أزمة سياسية. أما وأن نتحدث عن مواطنة تفتقر إلى عضوية مكتملة، فإن الأمر يتعلق ببعد سياسي. نفهم من هنا، أن العلاقة بين النوع وقضاياه، هي علاقة سياسية بامتياز.
صحيح أن أشكال المقاومة اتخذت مداخل عديدة، ولذلك نجد تيارات نسوية اتجهت صوب الاهتمام بالجانب السيكولوجي أو الثقافي أو اللغوي أو الديني…لكن مداخل المقاومة هذه لم تلامس وضعية المرأة في أبعادها الفلسفية والسياسية. إن سؤال التغيير الجذري لوضعية المرأة، يجب أن ينطلق من مكون أساسي يتعلق بالعالم المعيش. هذا لا يعني أن المكونات الأخرى لا تمتلك قدرا من التأثير، بل إنها عاجزة عن ممارسة تحويل كلي في كينونة النوع. ولذلك حدث منعطف جديد في مسار الحركة النسوية يعي مقاصده وأهدافه وهواجسه. فانطلقت شرارة أسئلته من فضاء الفلسفة السياسية لمساءلة مفاهيمها ومقاصدها، من أجل إعادة تشكيل براديغم سياسي يمنح أبعادا متوازنة ومستقلة للكونية المعيارية.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading