نبذة عن سيرة الفاضلة السيدة مليكة الغالي الطود

6 يناير 2025

_ متابعة : 

الحاجة للا مليكة الطود من مواليد مدينة القصر الكبير، عدوة باب الواد ، درب الرايس قبالة درب سيدي الخطيب، من أمها المشمولة برحمة الله للا ربيعة ابنة العلامة الجهبد سيدي أحمد بن الطاهر الطود، و من أبيها العلامة ، الوطني الغيور سيدي الغالي بن المختار الطود رضوان الله عليهم أجمعين.

رأت النور سنة 1936م داخل أسرة علم و ورع و تقوى وصلاح وتشربت كل معاني الوطنية والإخلاص و النبل والوفاء.

التحقت بالمدرسة القرآنية التي كان يديرها والدها سيدي الغالي الطود في السادسة من عمرها،حفظت ما تيسر من القرآن الكريم على أيدي الفقيه السي محمد المحمدي والفقيه السي عبد القادر الفشتالي والفقيه السي الجبلي العروسي، تلقت الدروس من أساتذة أجلاء كالأستاذ السي محمد العسري و ذ السي أحمد الروسي رحمهم الله و أكرم مثواهم .

بعد نفي والدها من طرف المستعمر، انتقلت رفقة أختها الكبرى الفاضلة الحاجة أم كلثوم شفها الله وأطال في عمرها إلى المدرسة الأهلية التي كان يتولى إدارتها آنذاك، الفقيه العلامة سيدي أحمد الجباري، حيث تتلمذت على أيدي الفقيه السي البوطي والأساتذة الأفاضل سيدي أحمد بوعسرية وسيدي أحمد السوسي المرتجي رحمهم الله جميعا و أنزلهم منازل الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.

لقد جمعت سنوات الدراسة والدتي الحاجة مليكة بزميلات و زملاء كالسيدة فاطمة الرميقي والسيدة خديجة المصباحي والسيدة فريدة مكفولة الحاج ما العين والسادة أحمد وامحمد بن عبد الله وذ الحسن والحسين بنجلون وذ عبد السلام والمصطفى بنمسعود و ذ الخليل و عبد السلام بن أطاع الله و ذ أبو سلهام المحمدي و السيد عبد الواحد التطواني و السيد محمد بنونة و غيرهم كثير …رحم الله من قضى نحبه وبارك في أعمار من لايزالون أحياء يرزقون.

خلال أيام دراستها ظهرت على التلميذة مليكة علامات الفطانة والنباهة والاجتهاد، الشيء الذي جعلها مقربة من معلميها الذين توسموا فيها الخير، وهو الأمر الذي أثار انتباه ابن عمها العلامة سيدي ادريس الطود إليها ليتقرب منها منذ يفاعته و يحثها على الدرس والتحصيل ويدربها على الخطابة والشجاعة الأدبية منذ نعومة أظفارها،لتقف أمام معلميها وأقرانها في أول خطبة لها مرددة :

أنا فتى ذو أدب *** أقرأ خير الكتب

إن غابت الأصحاب *** فصاحبي الكتاب

أسأله فيجيبني *** عن كل ما يريبني

واكبها بالتلقين والتشجيع إلى أن طلب يدها من أبيها في سن مبكرة ،متعهدا إياها كنبتة صغيرة ،ليزفها إلى بيت الزوجية عند بلوغها الخامسة عشر من عمرها سنة 1951 لترافقه إلى إيتزار حيث كان مديرا مؤسسا لمدرسة الفتح وقد ساهمت إلى جانبه في تعليم فتيات الأطلس وتدريبهن على الأناشيد الوطنية التي كانت تحفظها عن ظهر قلب ولا زالت ترددها إلى يومنا هذا.

مكثت مليكة بالأطلس بمعية زوجها وكبرى بناتها وابنها وحماتها المرحومة الفاضلة السعدية برادة إلى حدود سنة 1956 لتعود إلى مسقط رأسها وتمارس من جديد حياتها الاجتماعية بكل تفاصيلها رفقة زوج محب وحماة أبت إلا أن تكمل ما تبقى من حياتها إلى جانبها لأزيد من عشرين سنة ،جمعتهما خلالها علاقة الأم بابنتها والفتاة بأمها ،تستشيرها وتأخذ برأيها ، فتنصحها و توجهها بكثير من المحبة والاحترام والتقدير المتبادل .

بعودتها إلى القصر الكبير ، عادت السيدة مليكة لتحيا حياة ألفتها منذ نشأتها الأولى بين أهلها وأحبابها وتستمتع بالعادات والتقاليد التي تربت عليها في المجتمع القصري آنئذ ، ولعل أبرز ما كانت تفتقده وهي بعيدة عن مسقط رأسها ،تلك الاحتفالات النسائية التي دأبت على تنظيمها الفقيهة للا عائشة بنت سيدي الطاهر إحدى فضليات المدينة احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف والتي شكلت تقليدا سنويا توارثته نساء العائلة وتناقلنه جيلا بعد جيل بعد وفاتها ، حيث كانت تنشد قصائد فريدة و تلقنها للنساء و الفتيات ،تعتبراليوم إرثا ثقافيا خاصا بعائلة الطود .

واصلت المرحومة للا صفية الطود هذا التقليد ،وكانت السيدة مليكة من بين الأصوات التي كانت تعتمد عليها سواء في تلاوة القرآن الكريم أو في المديح والتغني بمحاسن وفضائل خير البرية وفي إلقاء كلمة بالمناسبة تنويرا للنساء القصريات إلى أن تسلمت المشعل بدورها و كرست هذا التقليد لأزيد من خمسين سنة مجددة في الاستعداد له وفي تنظيمه وتدريب الفتيات على أداء القصائد مستعينة بخبرة المشمولين برحمة الله سيدي المهدي الطود وسيدى عبد القادر الطود في الطبوع والمديح والسماع والانتقال من لون إلى آخر ،فكان بيتها أطال الله في عمرها ، ليلة الثاني عشر من ربيع الأول من كل سنة و لفترة طويلة ، محجا لنساء القصر الكبير وفتياته من جميع الأعمار ومن كل الفئات الاجتماعية، تصدح منه الأصوات بالذكر والمديح وتتعالى منه الزغاريد و الإنشاد خاصة قبيل الفجر ، فرحا وحبورا بمولد المصطفى ، إيمانا منها بضرورة ترسيخ هذه السنة الحميدة لكي تتشبع الأجيال الصاعدة بمحبة الرسول الأكرم وتقتدي بنهجه وتحدي بمكارم أخلاقه ، كل ذلك بتشجيع وتحفيز من زوجها ورفيق دربها العلامة سيدي ادريس الطود الذي كان لها السند والملاذ إلى أن غادر إلى دار البقاء في السادس من يوليوز سنة 2009.

وها نحن اليوم نرى انتشارا ملفثا لهذا التقليد ، حيث أصبحت الجمعيات تتبارى في تخليد هذه الذكرى وكذا العديد من الأسر .فمن سن سنة حميدة له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading