
– ادريس حيدر :
لم تكن إحدى الأصوات التي كانت تعلو و يتردد صداها في فضاء الميناء الصغير ، إلا صوت المعلم ” احميدو البحار ” الذي حمل هذه الكنية و لازمته طيلة حياته ، نظرا لإرتباطه الشديد و العضوي بعمله في البحر .
.كان رجلا قصير القامة ، خفيف الحركة ، بملامح دقيقة و حادة تعكس صرامته ، التي لم تكن تخطئها العين ، خاصة أثناء العمل مع باقي الممتهنين له .
فيما أطراف جسده و خاصة يديه كانتا كبيرتين و عريضتين بشكل غير متسق مع جسمه ، و الذي كان ضئيلا .
و ربما أخذت يداه ذلك الشكل و الحجم ، نظرا لاستغلالهما في أعمال شاقة ، و خاصة حمل أثقال شبكات اصطياد السمك ، وجر الحبال الحديدية أكثر من مرة في نفس اليوم ، و غير ذلك من الأشغال الصعبة و المتعبة .
كان صدى بطولاته يملأ الدنيا ، لكونه أنقذ كثيرا من رفاقه من الغرق و بالتالي من الموت ، و كذلك فعل نفس مع الفتية الذين امتطوا سفن الموت ، محاولين الهجرة إلى الضفة الشمالية ، على متن سفن مهترئة ، حالمين بجنة على الأرض .
كما أنه عُرِفَ لدى الناس بشهامته و تضامنه مع الفقراء ، حيث إنه كان يُكْثِرُ الصداقات لهم و للأرامل و الشيوخ و المعاقين على وجه الخصوص و المعوزين بشكل عام .
و بالتالي حَظِيَ بالاحترام و الوقار ، كما أن طلعته أو حضوره في المناسبات كان يبعثُ الهيبة .
كان يغيب مع فريقه في العمل أياما ، حيث يمكث في عرض البحر ، بعيدا عن اليابسة ، في مهمته الأبدية و هي اصطياد السمك .