أيقونة في الوجدان”

20 يوليو 2024

الخليل القدميري : 
ينساب شعرها الخفيف حريراً أشقر، لينتظم مقصوصاً فوق جبينها الوضاء، كأنه حارس أمين لِبهاءِ محيّاها. لم يكن جمالها الخارق مصدر فتنته منذ البداية، وإنما نظرة دوّخته فحار في فكّ ألغازها وهو تلميذ في مرحلته الابتدائية، ومع ذلك تكفّل الزمن بتعليمه أسرار مخاطبتها واستيعاب ألغاز من لغة الحب، انصهرت في لغة العيون الصامتة حين تنطق بكل شيء في آن واحد ولا تكاد تبين، فيتحول إلى قارئ نبيه، يجيد القراءة بين السطور ويمتلك ناصية التأويل والبحث عن وهج المعاني في نظراتها الحالمة.
لم يعد يهمّه شيء من أمره أو أمر أسرته، يكفيه أن يتعلم لغة صامتة يبث من خلالها رسائله إليها.
لم يكن يدري شيئاً عن تلك القوة السحرية التي انتشلته، في يوم من الأيام، من بين زملائه في المدرسة القرآنية، فجذبته بحدّة ليركّز كل حواسه على نورها الملائكي. رآها في بهجة طاغية تغادر المدرسة الأهلية، يشيع من خدّيها نور الغبطة وتعكس حركاتُها المتناغمة حيويةً تدعو للتفاؤل بالقادم من الأيام.
التفتتْ إليه التفاتة خاطفة لكنها كانت كافية كي ينغرس سهمها في قلبه الولهان. ارتعش إثر نظرة شاردة من وجه ملائكي، فأيقن جازماً أن تلك النظرة من عينين زرقاوين يشع منهما نور وديع هي نظرة تهمه وحده دون سواه، فأحس كما لو أنه يطير في دنيا السعادة المطلقة.
لم ينقطع منذ تلك اللحظة شغفه بها، ولم تفارق صورتها باله في الحلم وفي اليقظة، وحين كان يمر قرب المدرسة الأهلية يتذكر أن بين أفيائها تلقت تلك الأيقونة العلم سنوات قبل أن تنتقل إلى مستويات أعلى، فطوبى للجدران والساحة والأشجار والكرسي الذي جلست عليه الحبيبة.

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading