ذ : إدريس حيدر
كان الصياح الحاد يعلو و يتردد صداه في ردهات المحكمة بمجرد أن نُطِقَ الحكم من طرف المحكمة ،في حق زوج برئت ساحته من جنحة العنف ضد زوجته .
كانت الزوجة المعنفة تبكي ،تولول و تستغيث بأعلى صوتها إلى أن أغمي عليها و نُقِلت إلى المستشفى .
بعد هذه الواقعة المؤلمة التي عاينتها ، تساءلت ُ :
– ما جدوى ما يُكتبُ و ما يُناقشُ في القاعات المسدودة و في الأجهزة الإعلامية الرسمية ( إذاعة و تلفزة ) ،حول العنف بأشكاله الممارس على المرأة ؟
أجل ،لقد كُتب الكثير بخصوص هذا الموضوع من طرف المختصين ، كما أن منظمات المجتمع المدني ذات الاختصاص ،نظمت دورات تكوينية ، و أياما تهدف التحسيس من أجل وضع حَدٍّ لهذه الظاهرة المشينة ، و التي تسيئ إلى المجتمع برمته .
و في هذا الإطار ،صادق المغرب على المعاهدات الدولية ذات الصلة ،كما أصدرت قوانين ملائمة للمعاهدات و القوانين الدولية .
و هكذا أصدرت قانون : 13- 103 الذي بمقتضاه أُضيفت إجراءات و مقتضيات إضافية من أجل حماية المرأة من العنف و استحدثت مؤسسات لاستيعاب المعنفات.
ففي المحاكم خصصت خلية لهن ، مما يعني أنها تحظى باهتمام و متابعة السيد وكيل الملك ، فضلا عن كون قضايا المرأة المعنفة، تُدْرَجُ في جلسات خاصة ، دليل الاهتمام الكبير بها .
فهل ما اتخذ من إجراءات كان كافيا لوضع حد أو على الأقل للتخفيف من حدة هذه الظاهرة المقيتة ؟
إنه و بالرغم من كل ما سبق فإن الأمر لازال على حالته و ربما ازداد تفاقما .
و يٌرجع المهتمون بهذا الشأن سبب التعثر الذي تشهده هذه القضية إلى : إكراه الإثبات ، أي ان على المرأة أن تُثبت ما تدعيه ،و هنا تكمن الصعوبة .
و لقد ذهب بعض المختصين إلى القول : أن الإثبات يجب أن يقع على كاهل الزوج أو الشخص المعتدي * ،فضلا عن تأمين سلامة الشاهد …الخ .
و في انتظار تنزيل هذه الاجتهادات و أخرى، فإن الوضعية لازالت على حالها .
و إذن على الدولة و الجهات ذات الصلة ، الإسراع في حماية المرأة من العنف ، بتفعيل الاقتراحات و الاجتهادات بما يضمن القضاء على هذه الآفة و وضع حد لها.
و في انتظار ذلك ،كفى عنفا و اعتداء على المرأة .
* بمعنى أن يثبت الرجل المعتدي ،أنه مثلا في ساعة الاعتداء كان موجودا في مكان آخر…