أسامة الجباري :
اولا اسمحوا لي أن أعزي نقسي واهل مدينتي القصر الكبير عن هذا المصاب الجلل الذي لحقنا جميعا، وأعزي بالخصوص أهالي الضحايا وذويهم فلله الأمر من قبل ومن بعد ولا مرد لأمره ومشيئته ونسأل الله ان يتقبل الضحايا بقبول حسن ، حزين جدا لما آلت إليه الأوضاع بهذه المدينة السيئة الحظ!
مدينة القصر الكبير التي عُرفت عبر التاريخ أنها صدت الهجوم الصليبي على كامل العالم الإسلامي وكانت مسرحا لمعركة وادي المخازن الخالدة التي أسقطت الإمبراطورية البرتغالية ، المدينة التي جعلت المغرب بأكمله يتغنى بأغنية “اخر آه” شعرا في شخص شاعر القصر الأستاذ الخمار الكنوني ولحنا في شخص العبقري عبد السلام عامر، بينما تأهل منتخب المغرب لكأس ألعالم بفضل رأسية اللاعب القصري عبد السلام لغريسي، حتى أن الملك محمد الخامس عندما أراد أن يضع الأسس الأولى للتعليم إبان الاستقلال بعث للسيد احمد الجباري مدير المدرسة الأهلية بالقصر الكبير أن يأتيه الى الرباط من أجل أن يستشيره ويأخذ برأيه ونصيحته ، هكذا عُرفت مدينة القصر الكبير عبر خريطة الوطن أنها مدينة العلم والثقافة والفنون والرياضة. أي صورة قاتمة صارت الآن عالقة في الأذهان حول هذه المدينة المنكوبة ، المدينة التي يشقى فيها التعساء ويرحلون في موسم الموت الجماعي ، هؤلاء الضحايا لم يموتوا اليوم لكنهم كانوا قد ماتوا منذ زمن بعيد حينما تخلينا عنهم في العراء زمن البرد والحر والجوع والحرمان، هؤلاء الدراويش الضحايا من فرط سذاجتهم عوض أن يتناولون ماء “الحياة” تجرعوا ماء “الموت” لقد خذلتهم الحياة كما خذلناهم جميعا ، فهل ترانا سنكفر عن ذنوبنا اتجاه هذه الشريحة البئيسة من المجتمع ونعتني بهم أكثر؟ أتمنى ذلك من كل قلبي….
وأنا اتصفح هذا الصباح الجرائد والمواقع الالكترونية يؤلمني كثيرا أن المدينة صار تنعت بمدينة الادمان والمخدرات والإهمال… سبحان الله ما بين الامس واليوم!